وَلِيَرْضَوْهُ. أي: الكافرون بالآخرة لأنفسهم وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ.
أي: وليكتسبوا ما هم مكتسبون من الآثام.
يقول صاحب الظلال بمناسبة الكلام عن شياطين الإنس والجن في الآية:
وشياطين الإنس أمرهم معروف ومشهود لنا في هذه الأرض، ونماذجهم ونماذج عدائهم لكل نبي، وللحق الذي معه، وللمؤمنين به، معروفة يملك أن يراها الناس في كل زمان فأما شياطين الجن- والجن كله- فهم غيب من غيب الله، لا نعرف عنه إلا ما يخبرنا به من عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو .. ومن ناحية مبدأ وجود خلائق أخرى في هذا الكون غير الإنسان، وغير الأنواع والأجناس المعروفة في الأرض من الأحياء .. نقول من ناحية المبدأ نحن نؤمن بقول الله عنها، ونصدق بخبره في الحدود التي قررها. فأما أولئك الذين يتترسون «العلم» لينكروا ما يقرره الله في هذا الشأن؛ فلا ندري علام يرتكنون؟ إن علمهم البشري لا يزعم أنه أحاط بكل أجناس الأحياء، في هذا الكوكب الأرضي، كما أن علمهم هذا لا «يعلم» ماذا في الأجرام الأخرى، وكل ما يمكن أن «يفترضه» أن نوع الحياة الموجودة في الأرض يمكن أو لا يمكن في بعض الكواكب والنجوم .. وهذا لا يمكن أن ينفي- حتى لو تأكدت الفروض- أن أنواعا أخرى من الحياة وأجناسا أخرى من الأحياء يمكن أن تعمر جوانب أخرى في الكون لا يعلم هذا «العلم» عنها شيئا. فمن التحكم والتبجح أن ينفي أحد باسم «العلم» وجود هذه العوالم الحية الأخرى.
وأما من ناحية طبيعة هذا الخلق المسمى بالجن؛ والذي يتشيطن بعضه ويتمحض للشر والغواية- كإبليس وذريته- كما يتشيطن بعض الإنس .. من ناحية طبيعة هذا الخلق المسمى بالجن، نحن لا نعلم إلا ما جاءنا الخبر الصادق به عن الله- سبحانه- وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ونحن نعرف أن هذا الخلق مخلوق من مارج من نار. وأنه مزوّد بالقدرة على الحياة في الأرض وفي باطن وفي خارج الأرض أيضا. وأنه يملك الحركة في هذه المجالات بأسرع مما يملك البشر. وأن منه الصالحين
المؤمنين، ومنه الشياطين المتمردين.
وأنه يرى بني آدم وبنو آدم لا يرونه- في هيئته الأصلية- وكم من خلائق ترى الإنسان ولا يراها الإنسان. وأن الشياطين منه مسلّطون على بني الإنسان يغوونهم ويضلونهم وهم قادرون على الوسوسة لهم، والإيحاء بطريقة لا نعلمها. وأن هؤلاء