رئيسي في السياق، وإن صلة ذلك بقوله تعالى في المقدمة وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ لواضحة.
٢ - نلاحظ أنه قد ورد قوله تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ في سياق الكلام عن اليوم الآخر. ومن المعروف كما تفيد نصوص العهد الجديد أن اليهود قد اختلفوا في شأن اليوم الآخر اختلافا كثيرا، ففي رسالة أعمال الرسل، الإصحاح الثالث والعشرون (لأن الصدوقيين يقولون إنه ليس قيامة ولا ملاك ولا روح وأما الفريسيون فيقرون بذلك). إن مجيء الآية في سياق الحديث عن اليوم الآخر يشير إلى اختلاف اليهود في موضوع اليوم الآخر، وأن الحق والفصل فيه هو ما ذكره الله في القرآن، إن مثل وجود هذه الدقائق في هذا القرآن لمظهر من مظاهر الإعجاز فيه.
٣ - يلاحظ أن السورة بدأت بالكلام عن القرآن ووصفته بأنه هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ونلاحظ أن المجموعة التي بين أيدينا اتجهت في أواخرها للكلام عن هذا القرآن ومما وصفته به وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فهي تؤكد ما ورد في المقدمة مما يدل على وحدة السياق في السورة. ونكتفي بهذه الملاحظات حول السياق لأن لنا عودة مفصلة على سياق السورة فيما بعد.
...
[المجموعة الثالثة]
بعد أن قرر الله في المجموعة الأولى أمر التوحيد. وقرر في المجموعة الثانية أمر اليوم الآخر، وبين لنا سفاهة المشركين والملحدين باليوم الآخر، يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله:
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ أمره بالتوكل على الله، وقلة المبالاة بأعداء الدين، لإقامة وتبليغ رسالات الله، وعلل للأمر بالتوكل بأنه على الحق الأبلج، وهو الدين الواضح الذي لا يتعلق به شك، وفيه بيان أن صاحب الحق حقيق بالوثوق بالله وبنصرته
إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ* وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ قال النسفي: لما كانوا لا يعون ما يسمعون، ولا به ينتفعون شبهوا بالموتى وهم أحياء صحاح الحواس، وبالصم الذين ينعق بهم فلا يسمعون، وبالعمي حيث يضلون الطريق، ولا يقدر أحد أن ينزع ذلك عنهم،