للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفّاظ متقنون كهذه الأمة العظيمة، ومع ذلك، وقرب العهد، وضعت أحاديث كثيرة في هذه الأمة لا يعلمها إلا الله عزّ وجل، ومن منحه الله تعالى علما بذلك كل بحسبه. ولله الحمد والمنّة).

أقول: بعد إذ فهمنا نقول ابن كثير فإنني أرجّح أنّ الآية غير منسوخة لأن الجدال بيننا وبين أهل الكتاب لا تنقطع صوره إلى نزول عيسى بن مريم، فقد يصادف المسلم ذميا يحاوره، وقد يسافر المسلم إلى ديار الكفر فيحاورونه، ففي الآية توجيه دائم للمسلم في كل العصور وتعريف له على أدب الجدال مع أهل الكتاب.

٥ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ .. ]

بمناسبة قوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ قال ابن كثير: (ومن زعم من متأخري الفقهاء- كالقاضي أبي الوليد الباجي ومن تابعه- أنّه عليه الصلاة والسلام كتب يوم الحديبية: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله فإنما حمله على ذلك رواية في صحيح البخاري: ثم أخذ فكتب. وهذه محمولة على الرواية الأخرى: ثم أمر فكتب. ولهذا اشتدّ النكير من فقهاء المشرق والمغرب على من قال بقول الباجي، وتبرءوا منه، وأنشدوا في ذلك أقوالا، وخطبوا به في محافلهم. وإنما أراد الرجل- أعني الباجي- فيما يظهر عنه أنه كتب ذلك على وجه المعجزة، لا أنه كان يحسن الكتابة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم إخبارا عن الدجال:

«مكتوب بين عينيه كافر»، وفي رواية: «ك ف ر، يقرؤها كل مؤمن» وما أورده بعضهم من الحديث أنه لم يمت صلّى الله عليه وسلم حتى تعلّم الكتابة فضعيف لا أصل له).

٦ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ]

بمناسبة قوله تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قال ابن كثير: (أي هذا القرآن آيات بيّنة واضحة في الدلالة على الحقّ، أمرا ونهيا وخبرا، يحفظه العلماء، يسّره الله عليهم حفظا وتلاوة وتفسيرا، كما قال تعالى:

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: ١٧] وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما من نبي إلا وقد أعطي ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا» وفي حديث عياض بن حمّاد في صحيح مسلم: يقول الله تعالى: «إنّي مبتليك ومبتل بك، ومنزّل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظانا» أي لو غسل الماء المحلّ المكتوب فيه لما احتيج إلى ذلك المحلّ، لأنّه قد جاء في الحديث الآخر: «لو كان القرآن في إهاب ما أحرقته النار» ولأنه محفوظ في الصدور، ميسّر على الألسنة، مهيمن على القلوب، معجز لفظا

<<  <  ج: ص:  >  >>