للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشهد عليكم أنه بلغكم ذلك فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ بواجباتها وَآتُوا الزَّكاةَ بشرائطها أي إذ خصكم بهذه الكرامة، والأثرة فصلوا وزكوا قال ابن كثير: (أي قابلوا هذه النعمة العظيمة بالقيام بشكرها، فأدوا حق الله عليكم في أداء ما افترض، وطاعة ما أوجب، وترك ما حرم، ومن أهم ذلك إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وهو الإحسان إلى خلق الله بما أوجب للفقير على الغني، من إخراج جزء نزر من ماله في السنة للضعفاء والمحاويج ... ) وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ قال ابن كثير: (أي اعتضدوا بالله واستعينوا به وتوكلوا عليه، وتأيدوا به). وقال النسفي: (وثقوا بالله وتوكلوا عليه لا بالصلاة والزكاة) هُوَ مَوْلاكُمْ أي مالككم وناصركم، ومتولي أموركم وحافظكم، ومظفركم على أعدائكم فَنِعْمَ الْمَوْلى أي نعم الولي وَنِعْمَ النَّصِيرُ أي ونعم الناصر من الأعداء، وقد أفلح من كان الله مولاه وناصره.

[كلمة في السياق]

في هاتين الآيتين الأخيرتين ذكر الله مجموعة أوامر كلها تعتبر أجزاء في التقوى، الركوع، والسجود، والعبادة، وفعل الخير، والجهاد والصلاة، والزكاة، والاعتصام بالله، والدليل على أنها من التقوى قوله تعالى وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إن الله عزّ وجل قال في أول سورة البقرة بعد أن وصف المتقين أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وفي نهاية الآيات قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وفي هذه الخاتمة ما يشير إلى أن العبادة والتقوى ليست خسارة كما يزعم الكافرون والمنافقون والفاسقون، بل هي الربح كله؛ لأن الله جل جلاله سيتولى وينصر.

[فوائد حول المقطع الرابع]

١ - إن المثل الذي ضربه الله عزّ وجل على عجز الآلهة المزعومة ينطبق على أصنام قريش وغيرها، كما ينطبق على أي نوع من أنواع الآلهة المزعومة، كما ينطبق على الطبيعة ككل، وهي الإله المزعوم في هذا العصر، إذ يعطيها الملحدون كل خصائص الألوهية، فكأن العقل البشري المشرك لم يخرج من الوثنية إلا في حدود، فالمشرك الأول كان يعبد جزءا من مظاهر الطبيعة، والمشرك المثقف صار يعبد الطبيعة كلها، وسواء كان الإله المزعوم صنما، أو طبيعة، فإنه عند ما يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذونه منه، لأنه في

<<  <  ج: ص:  >  >>