وأن هذه الآيات يقصها الله على رسوله بالحق. أي: بالواقع الذي كان عليه الأمر المطابق لما حدث، وفي ذلك إشعار أن ما بأيدي أهل الكتاب مخلوط، وفي الآية كذلك خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى تأكيد رسالته، وتقريرها. كيف ومثل هذه الآيات تشهد على رسالته، حيث يخبر بها من غير أن يقرأ كتابا، أو يسمع من أهل الكتاب.
وفي الآية الثانية: إشارة إلى جماعة الرسل التي ذكرت قصصها في هذه السورة، من آدم إلى داود، والتي ثبت علمها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الله عزّ وجل فضل بعض الرسل على بعض، وخص بعضهم بخصائص. فمنهم من كلمه، كموسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم من رفعه درجات على غيره. كأولي العزم من الرسل مثلا. ومن هذه الخصوصيات، ومن هذا الرفع، ما آتاه عيسى من الحجج، والدلائل القاطعات على صحة ما جاء به بني إسرائيل، تأييده بجبريل عليهما السلام. ثم يبين الله عزّ وجل أن الاقتتال الكائن بين البشر بمشيئته. وكذلك اختلافهم بمشيئته. وهذا لا ينفي الاختيار.
فالحجة قائمة على من ظلم، وكفر، ولكن مشيئة الله، وإرادته محيطتان بكل شئ لا يخرج شئ عن مشيئته وإرادته، لأنه لا خالق سواه. وإذا كان الاختلاف قد وصل إلى درجة الكفر، فلا بد من قتال. هكذا شاء الله. وهو يفعل ما يريد. والحكمة في ذلك ما مر، أنه لولا القتال لفسدت الأرض، وإذن فيا أهل الإيمان قاتلوا من كفر.
وهاهنا لا بد من توضيح قضيتين: الأولى أن الذين جاءتهم البينات من أمم الأنبياء