وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ أي: لا أحد أظلم من هذا، والمعنى: وأي الناس أشد ظلما ممن يدعوه ربه على لسان نبيه إلى الإسلام الذي له فيه سعادة الدارين فيجعل مكان إجابته إليه افتراء الكذب على الله، كأن يقول: هذا سحر، أو أن الله عزّ وجل لم يأمر بهذا، أو أن محمدا ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو غير ذلك من الافتراءات على الله وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لأن سنته ألا يهدي من لا يستحق الهداية بسبب إجرامه، وأمام مثل هذا الموقف الأظلم، فإن القتال هو الحل؛ كيلا نعطي للكفر وللظلم فرصة للظهور والعلو.
...
[كلمة في السياق]
رأينا في مقدمة سورة البقرة قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وفي الآية الأخيرة عرفنا سببا من أسباب ذلك الختم وهو افتراء الكذب على الله الذي هو أشد الظلم لدفع دعوة الإسلام وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
...
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ قال النسفي: هذا تهكم بهم في إرادتهم إبطال الإسلام بتقولهم على القرآن، مثلت حالهم بحال من ينفخ في نور الشمس بفيه ليطفئه، قال ابن كثير: أي: يحاولون أن يردوا الحق بالباطل، ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس بفيه، وكما أن هذا مستحيل كذاك ذلك مستحيل، ولهذا قال تعالى: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ قال النسفي: أي: متم الحق ومبلغه غايته وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ذلك، وأمام إرادة الكافرين إطفاء نور الإسلام شرع الله القتال كحل وحيد على أننا لا نكره أحدا على الدخول في الإسلام. أقول: وفي الآية بشارة عظيمة لأهل الإسلام في عصرنا حيث يرون أن مراد دول الكفر وأممهم وأذنابهم في الداخل إطفاء نور الله، ولكن حين يتعارض مرادان: مراد الله، ومراد خلقه، فإرادة الله هي النافذة، وإرادة الله إتمام نوره على رغم الكافرين، فالمستقبل إذن لهذا الدين.