كانت المرأة تكون مقلاة، فتجعل على نفسها، إن عاش لها ولد، أن تهوده. فلما أجليت بنو النضير، كان فيهم من أبناء الأنصار. فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل الله عزّ وجل: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ. وخصوص السبب لا يمنع عموم اللفظ.
[المعنى العام]
يقول تعالى: لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام. فإنه بين واضح. جلية دلائله وبراهينه. لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام، وشرح صدره، ونور بصيرته، دخل فيه على بينة. ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه، وبصره، فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا. ثم بين الله عزّ وجل أنه من خلع الأنداد، وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل ما يعبد من دون الله. ووحد الله فعبده وحده. وشهد أن لا إله إلا هو فقد ثبت في أمره، واستقام على الطريقة المثلى، والصراط المستقيم، واستمسك من الدين بأقوى سبب، لا ينفصم أبدا. ثم وصف الله ذاته بالسمع والعلم. فهو سميع يسمع كل شئ فيسمع من آمن ولمن آمن عليم باعتقاد الجميع.
[المعنى الحرفي]
لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ أي: لا إجبار على الدين الحق، وهو دين الإسلام. فليس الإكراه على دين الله من دين الله. قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ أي: تميز الهدي من الضلال. قد تميز الإيمان من الكفر بالدلائل الواضحة. فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ:
الطاغوت: من الطغيان. وهو كل ما جاوز الحد. والشيطان هو وراء كل تجاوز للحد.
فالكفر به، كفر بكل شر عليه البشر من شرك بالله، أو احتكام لغير الله، أو استنصار بغير الله.
والكفر بالطاغوت: رفضه، واحتقاره، وازدراؤه، وعدم طاعته، وإهانته. وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ ويصدق به حق التصديق. بإعطاء ذلك لوازمه فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى الوثقى: تأنيث الأوثق. والأوثق: هو الأشد. واستمسك، بمعنى: تمسك.
والعروة: هي المعتصم، والمتعلق. وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد