الآية (١٦٥): يبدأ بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ وينتهي بقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ. والصلة واضحة بين ما خلق الله للإنسان، وبين كون الإنسان خليفة على هذه الأرض. ومن تأمل مقدمتي القسمين ومضمونهما اتضح له بما لا يقبل الجدل صلة ذلك بمحور السّورة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً
يتألف القسم الأول من سورة الأنعام من ثلاثة مقاطع كما سنرى ويتألف القسم الثاني من مقطعين.
[كلمة في بعض العلامات التي تدلنا على المقاطع]
من الملاحظ أنّ الآية الأولى في سورة الأنعام مبدوءة ب (الحمد لله) ثم تأتي الآية الثانية مبدوءة بقوله تعالى: (هو)، والآية الثالثة مبدوءة بقوله تعالى:(وهو) ثم تتكرر كلمة (وهو) في السورة كثيرا كما رأينا، فكأنها معطوفة على (هو) الأولى في السورة، وإنّ من العلامات التي تحدّد بدايات ونهايات بعض المقاطع في السورة أن نرى (وهو) فقد اعتدنا في السياق القرآني أن نرى مقطعا تشبه بدايته نهايته، ولذلك نرى أن آخر مقطع في السورة بدايته وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ.
فأول آية فيه مبدوءة بقوله تعالى:(وهو) وآخر آية فيه مبدوءة بقوله تعالى:
وقد نرى مقاطع ليست مبدوءة بمثل هذا ولا مختومة بمثله، وقد نرى مقاطع مبدوءة بذلك وليست مختومة به، ولقد جرينا على أن نعتمد مثل هذه العلامات حيث وجدت وساعد المعنى في تحديد بداية المقطع أو نهايته، ولكن الشئ الأكثر تحديدا والذي يجعلنا نحدّد به المقطع أو القسم بشكل دائم بداية ونهاية هو المعنى. وسنرى ذلك واضحا في هذه السورة.
وكما قلنا فإن السورة تنقسم إلى قسمين كبيرين، وكل قسم يتألف من أكثر من مقطع، وسنرى كيف أنّ المعاني مع بعض العلامات تحدّد لنا الأقسام والمقاطع على صعوبة ذلك لقوة تلاحم معاني السّورة حتى قال صاحب الظلال: «فلا يمكن تجزئة