ذلك على وجه التهكم والتوبيخ. أي: لست بعزيز ولا كريم
إِنَّ هذا العذاب أو هذا الأمر هو ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ أي: تشكّون. وهكذا استقر السياق على هذا المعنى.
كلمة في السياق:[حول الصلة بين ما مر من السورة والمحور]
رأينا أن مقدمة السورة انتهت بقوله تعالى: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ثم جاء المقطع وسار حتى وصل إلى قوله تعالى: إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ فتبيّن لنا أن المقطع نقلنا من معنى إلى معنى، حتى أرانا عاقبة الشاكين في نار جهنم. فلنر كيف كان تسلسل المعاني:
بدأ المقطع بأمر الله لرسوله صلّى الله عليه وسلم بالارتقاب لأشراط الساعة، والساعة ليري كيف سيكون حال الكافرين الشاكّين. ثم عرض علينا قصة موسى وفرعون، وفيها مجموعة قضايا، منها استحقاق المكذبين للرسل العذاب الدنيوي، ثم قصّ الله عزّ وجل علينا موقف هؤلاء الشاكين من اليوم الآخر، فأنذرهم وحذرهم باستحقاقهم الهلاك لذلك.
ثم أقام عليهم الحجة، ثم حدّثنا عما يكون لهؤلاء الشاكين من عذاب يوم القيامة.
وبهذا عرفنا أن علة الشك إنكار اليوم الآخر، وعرفنا أن الشاكين سينزل بهم العذاب قبيل يوم القيامة، وسيعذبون يوم القيامة، وأنهم في شكهم ليس لهم حجة ولا شبهة. هكذا سار السياق فما الصلة بين المحور وسياق المقطع؟ يمكن أن نقدّر الصلة بين المحور وبين ما مرّ معنا من المقطع على الشكل التالي: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ واعلموا أن عاقبة المرتابين كذا وكذا مما مرّ معنا، وأنت أيها الرسول انتظر ماذا سيحل بهم نتيجة شكّهم. وبعد أن حدثنا الله عن عاقبة الكافرين، يحدّثنا الله عزّ وجل عن المتقين المؤمنين الذين لا يشكّون. وإذا تذكرنا محور السورة وقول الله فيها: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ... وتذكّرنا أن ذلك يأتي بعده مباشرة قول الله تعالى وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ. فإننا نستطيع الربط بين الآيات القادمة والمحور وامتداداته.