واعتقاده كأنها في غلف وأغطية من نفوذه فيها، ومج أسماعهم له كأن بها صمما عنه، ولتباعد المذهبين والدينين كأن بينهم وما هم عليه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وما هو عليه حجابا ساترا وحاجزا منيعا من جبل أو نحوه فلا تلاقي ولا ترائي).
٥ - [عرض لرأي المؤلف في موضوع خلق الأرض من خلال الآية (٩)]
نقول: إن هذا المقام، مقام يصعب التحقيق فيه، وقد ذكرنا رأينا فيه في سورة البقرة وسورة هود، وهاهنا نلخص مجمل رأينا في الموضوع:
أ- إنّ السماء بمعنى النجوم والمجرّات خلقت قبل خلق الأرض يشهد على ذلك:
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها* وَأَغْطَشَ لَيْلَها* وَأَخْرَجَ ضُحاها* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها وأنّ السموات السبع خلقت بعد الأرض هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وأنّ السموات السبع والأرض وما بينهما خلقت في ستة أيام. وأن المراد بما بينهما الكواكب السيارة، وأن الكواكب السيارة هي التي زينت بها السماء الدنيا؛ لأنها هي التي بأجزاء منها ترجم الشياطين. ونتصوّر أنه بكلامنا الذي قدّمناه نكون قد أعطينا الجواب الشافي الذي يجمع بين النصوص كلها، وبين معطيات العلوم المعاصرة، والتصور العام للكون حسب هذه المعطيات، والله أعلم، ونحبّ أن نذكّر هنا بما نبّهنا عليه في سورة البقرة أن ما يرد من روايات في تحديد ماذا كان في يوم سبت أو أحد أو غير ذلك مرجعها كلها روايات أهل الكتاب على التحقيق.
ب- وقد رجّحنا- لأسباب كثيرة- أن تكون السموات السبع- التي هي سكن الملائكة، وإليها ترجع أرواح المؤمنين، والتي فوقها عرش الرحمن- غيبية، فهي موجودة كما أخبرنا الله عزّ وجل، ورسوله صلّى الله عليه وسلم عنها ولكنها مغيّبة عنا، وقد ذكرنا أدلّة ذلك في أكثر من مكان في هذا التفسير.
٦ - [كلام ابن كثير حول شهادة الجوارح على أصحابها يوم القيامة بمناسبة الآية (٢٠)]
بمناسبة قوله تعالى: حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ .. قال ابن كثير: (روى الحافظ أبو بكر البزار عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم- أو تبسم- فقال صلّى الله عليه وسلم:«ألا تسألوني عن أي شئ ضحكت؟» قالوا: يا رسول الله من أي شيء ضحكت؟ قال صلّى الله عليه وسلم: «عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول: أي رب أليس وعدتني أن لا تظلمني؟ قال: بلى، فيقول: فإني لا أقبل عليّ شاهدا إلا من نفسي،