الله صلّى الله عليه وسلّم «نزلت سورة الأنعام معها موكب من الملائكة سدّ ما بين الخافقين، لهم زجل بالتسبيح، والأرض بهم ترتج». ورسول الله يقول:«سبحان الله العظيم. سبحان الله العظيم». هذا الموكب، وهذا الارتجاج، واضح ظلهما في السورة، إنها هي ذاتها موكب. موكب ترتج له النفس، ويرتج له الكون! .. إنها زحمة من المواقف والمشاهد والموحيات والإيقاعات! .. وهي- كما قلنا من قبل- تشبه في سياقها المتدافع بهذه المشاهد والمواقف والموحيات والإيقاعات مجرى النهر المتدافع بالأمواج المتلاحقة. ما تكاد الموجة تصل إلى قرارها حتى تبدو الموجة التالية ملاحقة لها، ومتشابكة معها، في المجرى المتصل المتدفق.»
فصل: بمناسبة أن سورة الأنعام تعمّق معاني العقيدة:
الذين يتكلمون عن موضوع تعميق العقيدة يفطنون إلى الكثير ممّا يعمّقها، وقد يغيب عن بعضهم أشياء، وهذا التفسير يعتبر من مهمّاته الإشارة إلى مثل ذلك كلما جاءت مناسبة، وسيستكمل هذا الموضوع في القسم الثاني من هذه السلسلة (سلسلة الأساس في المنهج) ونحب هنا أن نشير إلى نقطة في هذا الموضوع فنقول: إن تعميق الإيمان يحتاج إلى جانبين: جانب نظري وجانب عملي. أما الجانب النظري فيتمثل في الأدلة والبراهين، وأما الجانب العملي فيتمثل في المذكّرات قال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (الرعد: ٢٨) والذكر والصلاة من أهم المذكّرات، ولذلك فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والأصحاب كانوا مكلفين بأوائل سورة المزّمل التي أمرت بالقيام الطويل، والذكر الكثير لما في ذلك من آثار على القلب.
وقد يجتمع الجانبان في بعض العبادات: كعبادة التفكر وكقراءة القرآن. فالقرآن يقدّم الدليل وهو في الوقت نفسه مذكّر، والتفكر نوع تذكّر. وهو الدليل على الدليل. فإذا ما اتضح ذلك فإننا نذكّر القارئ بالإكثار من التفكر في مخلوقات الله، وبالإكثار من قراءة القرآن، مع التفكر والتدبر، ونذكره بالإكثار من الصلاة ومن الذكر بأنواعه من استغفار، إلى صلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى تسبيح وتكبير وتهليل، إلى غير ذلك من الأذكار، إذا ما أراد أن ينمو إيمانه ويطمئن قلبه ببرد اليقين.
آثار: أخرج الطبراني عن ابن عباس قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة، حولها