شعيرة، وتكون الردة الشاملة عن دين الله. ثم بين الله عزّ وجل عقوبة من يرتد عن دينه، إذ جزاؤه حبوط العمل، والخلود في النار.
[المعنى الحرفي]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ: السائل- كما قال عروة بن الزبير- هم وفد من مشركي قريش بعد الحادثة التي ذكرناها كسبب نزول. سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أيحل القتال في الشهر الحرام؟. فالسؤال إذن عن القتال في الشهر الحرام. والجواب: قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ: أي فيه إثم كبير. قال النسفي:
وأكثر الأقاويل على أنها منسوخة بقوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ. وسواء كان النسخ، أو لم يكن. فإنه يفهم من الآية أن المسلمين يحل لهم الجهاد في كل وقت. وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: أي منع عن صراط الله.
وَكُفْرٌ بِهِ: أي وكفر بالله. وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ: أي وصد عن المسجد الحرام فالمسجد الحرام معطوف على سبيل الله. وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ: أي وإخراج أهل المسجد الحرام، وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من المسجد الحرام. أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ: هذا خبر لكل ما سبق. فصار المعنى: أن الصد عن سبيل الله والمسجد الحرام، وإخراج أهل المسجد الحرام منه، والكفر بالله، أكبر عند الله من القتل في الشهر الحرام. فهم من هذا أن ما فعلته السرية أقل مما فعله المشركون فما فعلته السرية إذن عدل، وليس ظلما. وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ: أي تعذيب الكفار للمسلمين ليفتنوهم عن دينهم أشد قبحا، وأعظم من القتل في الشهر الحرام. بله غيره. وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ: إلى الكفر. و (حتى) هنا معناها التعليل. أي يقاتلونكم ليردوكم. وهو إخبار عن دوام عداوة الكفار للمسلمين.
وأنهم لا ينفكون عنها حتى يردوهم عن دينهم إِنِ اسْتَطاعُوا أي: إن استطاعوا أن يردوكم عن دينكم فلن يقصروا. والتعبير يشعر بعدم استطاعتهم بفضل الله. وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ: أي ومن يرجع منكم عن الإسلام. فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ: أي فيمت مرتدا. فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ: لما يفوتهم بالردة مما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام وفي الآخرة من الثواب، وحسن المآب. وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ خلودا أبديا. لأنهم ماتوا على الكفر. والكافر لا يخرج من النار أبدا.