وتكاليفه، وتوحيهاته، وطريقته. وفي تنزيله في إبانة. وفي توالي أجزائه. وتناسق موضوعاته. ثم يأخذ في القصص. وهو معرض لحكمة الله وعلمه وتدبيره الخفي اللطيف).
[كلمة في السياق]
أثبت الله عزّ وجل في هذه الآيات خاصتين من خواص كتابه وهما: الهداية والبشارة، ولكن بين أن هاتين الخاصيتين إنما ينالهما من اجتمع له إيمان، وإقامة صلاة، وإيتاء زكاة، وإيقان بالآخرة. أما من فقد هذه الصفات فإنه لا ينال هداية هذا القرآن، ولا بشارته. فلتتذكر الآن محور السورة تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إننا نلاحظ الشبه بين قوله تعالى تِلْكَ آياتُ اللَّهِ في المحور وبين قوله تعالى: تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ فتلك آيات الله المذكورة هي آيات هذا القرآن الواضح البين، هذه الآيات من خصائصها الهداية والبشارة، ولكن لمن اتصف بمجموعة صفات، أما إذا أخل بصفة فإن هذه الآيات لا يكون له فيها هداية كاملة، ولا بشارة كاملة، فالصلة قائمة بين آية المحور ومقدمة السورة.
[فوائد]
١ - نلاحظ أن سورة الحجر كانت مقدمتها الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ هناك قدم لفظ الكتاب وهاهنا قدم لفظ القرآن، ويلاحظ أن كلمة القرآن في سورة الحجر جاءت بصيغة التنكير لا التعريف، بينما جاءت كلمة الكتاب هنا بصيغة التنكير لا التعريف. قال النسفي في ذلك:(وقيل إنما نكر الكتاب هنا وعرفه في سورة الحجر، وعرف القرآن هنا ونكره ثم لأن القرآن والكتاب اسمان علمان للمنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفان له، لأن يقرأ ويكتب فحيث جاء بلفظ التعريف فهو الوصف).
٢ - يلاحظ أن كلمة (هم) تكررت مرتين في قوله تعالى: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ قال النسفي في تعليل ذلك: (وكرر فيها المبتدأ الذي هو (هم) حتى صار معناها: وما يوقن بالآخرة حق الإيمان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق) أقول: وهؤلاء الذين كانوا كذلك هم وحدهم الذين تنالهم هداية القرآن وبشارته.