ولابن كثير فهم لطيف للنهي في قوله تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قال ابن كثير: إن النهي في قوله تعالى وَلا تُسْرِفُوا يعود على الإسراف في الأكل قال: أي لا تسرفوا في الأكل لما به من مضرّة العقل والبدن».
[بين يدي المجموعة الأولى من المقطع]
تأتي بعد مقدمة المقطع المجموعة الأولى وهي مبدوءة بآية تبدأ بكلمة (قل) قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ ... وتنتهي بآية مبدوءة بكلمة (قل) قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا.
فبعد مقدمة المقطع التي ناقشت التحريم بغير علم، تأتي هذه المجموعة لتبين ما حرّم الله من الأنعام في شريعتنا وفي الشريعة الموسوية، وتناقشهم في الطريقة التي اعتمدوها إلى آخر ما عرضته المجموعة فلنرها:
[المجموعة الأولى من المقطع]
قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ. أي في ساعة نزول هذه الآية لأنّه حرّم شيء آخر بعد ذلك، أو في القرآن لأن وحي السنّة قد حرم غيره، أو في الأنعام لأن الآية في ردّ البحيرة وأخواتها، وأما الموقوذة، والمتردّية، والنطيحة التي ذكرت في سورة المائدة فهي من الميتة، وفيه تنبيه على أنّ التحريم إنما يثبت بوحي الله وشرعه، لا بهوى الأنفس مُحَرَّماً. أي: حيوانا حرم أكله عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ. أي: على آكل يأكله إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً. أي: إلا أن يكون الشئ المحرّم ميتة أَوْ دَماً مَسْفُوحاً.
أي: مصبوبا سائلا، فلا يحرم الدم الذي في اللحم، والكبد، والطحال، وبقايا العروق، ومكان الذبح أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ. أي: نجس أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ. أي: ما رفع الصوت على ذبحه باسم غير الله، وسمّي فسقا لتوغله في باب الفسق فَمَنِ اضْطُرَّ. أي: فمن دعته الضرورة إلى أكل شئ من هذه المحرمات غَيْرَ باغٍ غير ظالم لمضطر مثله، تارك لمواساته وَلا عادٍ. أي:
متجاوز قدر حاجته من تناوله فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فلا يؤاخذ المضطر بل يغفر له؛ وذلك من آثار رحمته
وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ. أي: ما له إصبع من دابّة أو طائر، وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما. أي: