٣ - توجيه السؤال عن الروح إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بإحالة علمها إلى الله، ثم مجئ قوله بعد ذلك وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ دليل على أن مقام محمد صلّى الله عليه وسلّم هو العبودية، وهو الذي بدأت به السورة سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ وأنه مبلغ ومأمور، ووقّاف عند ما يحده الله له، وفي ذلك إقامة حجة على كفر من كفر بالقرآن.
فمجيء آية وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ في هذا السياق فيه من الحكم الكثير مما نعلم ومما لا نعلم.
[كلمة في سياق سورة الإسراء]
تبدأ السورة بذكر آية الإسراء، ثم تتحدث عن إيتاء موسى الكتاب.
ثم تتحدث عن عقوبة بني إسرائيل إذ انحرفوا عن الكتاب.
ثم تتحدث عن القرآن كنعمة، وعن نعمة الليل والنهار، ثم تأمر وتنهى.
ثم تناقش وتقيم الحجة. ثم تتحدث عن النعمة. ثمّ تحذّر وتأمر وتقيم الحجة.
فهي بين كلام عن النعمة المعنوية التي هي القرآن والنعمة المادية في هذا الكون وبين الكلام عن كفران هذه أو هذه. وهذا كله يفصل قوله تعالى: وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
وهي تقيم الحجة مرة ومرة ومرة على أن هذا القرآن من عند الله؛ فلها صلة بقوله تعالى: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ فالقرآن هو الآية البينة التي لا تعدلها آية فإذا استحق بنو إسرائيل العقاب بالكفران فلتحذر هذه الأمة.
والسورة تأمر وتنهى وتوجه وتحذر وتضع الإنسان على الطريق المستقيم فهي تشق الطريق لعملية الدخول في الإسلام كله، واجتناب خطوات الشيطان. إن السورة تذكّر الإنسان بكل لوازم الدخول في الإسلام كله، والاستمرار عليه جميعه على مستوى الأمّة وعلى مستوى الفرد، ولعلّ أبلغ شئ في الدلالة على ارتباط سورة الإسراء بمحورها مجئ قوله تعالى وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ... وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا فالإسلام يجب أن يدخل فيه كله ولا يساوم على جزء منه.