فإذا حسنت أسماؤه كلها، حسن هذان الاسمان لأنهما منها، والحسنى: تأنيث الأحسن، ومعنى كون أسمائه أحسن الأسماء: أنها مستقلة بمعاني التمجيد والتقديس والتعظيم وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ حتى لا يسمعها المشركون فيسبّوا وَلا تُخافِتْ بِها بحيث لا تسمع من خلفك وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ أي بين الجهر والمخافتة سَبِيلًا وسطا، وفي الآية كلام كثير سنراه في الفوائد، والآية تعلّم حملة الحق ألا يبقوا حجة للكافرين إلا ويقابلوها بتصرف مناسب، وأن يحسنوا الأداء، بما يستمر به نفع المسلمين، وتخفيف شر الكافرين.
ثم لما أثبت الله تعالى لذاته الأسماء الحسنى، ختم السورة بالأمر بحمده وتنزيهه وتعظيمه في آية سماها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آية العز:
٣ -
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً كما زعم اليهود والنصارى وغيرهم وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ كما زعم المشركون وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ أي لم يذل فيحتاج إلى ناصر، أو يوال أحدا من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً أي وعظّمه تعظيما باتباع شرعه، والخضوع لأحكامه، والقيام بواجب العبودية له.
وهكذا ختمت السورة بمجموعة تقرّر فيها أن القرآن حق، وأن الموقف الصحيح منه هو الخشوع والخضوع والتسليم، وأن لله الأسماء الحسنى، وأنّه تقدّس عن
النقائص، وإذ كان كذلك فإن الالتزام بشرعه لصالح الملتزم.
ولنلاحظ أن السورة بدأت بالتسبيح، واختتمت بالحمد، وأن السورة التي بعدها مبدوءة بالحمد، فكأنها استمرار لسورة الإسراء.
والصلة بين هذا المقطع، وبقية السورة واضحة، والصلة بين المقطع والدخول في الإسلام كله واضحة. إن في الترغيب؛ إذ وصف القرآن بالحق، أو بالتذكير بالموقف الصحيح من القرآن، أو بالتذكير بما لله من جلال وكمال، أو بالأمر بتطبيق عملي هو جزء من الإسلام، فلنر فوائد المقطع الخامس ثم نختم الكلام عن السورة بكلمة عنها.
[فوائد]
١ - [تعليق على أقوال الفقهاء في تفسير التسع آيات التي آتاها الله موسى بمناسبة الآية (١٠١)]
عند قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ .. ذكر ابن كثير أقوال الأئمة في تفسير التسع آيات، وقد ذكرنا الرأي الذي يرجحه في صلب التفسير