لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا أي: صدقه في رؤياه ولم يكذبه بِالْحَقِّ قال النسفي: أي صدقه فيما رأى وفي كونه وحصوله صدقا ملتبسا بالحق، أي بالحكمة البالغة، وذلك ما فيه من الابتلاء والتمييز بين المؤمن الخالص وبين من في قلبه مرض لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ قال ابن كثير: هذا لتحقيق الخبر وتوكيده، وليس هذا من باب الاستثناء في شئ آمِنِينَ أي: في حال دخولكم مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ أي: منكم من يحلق جميع شعره، ومنكم من يقصره لا تَخافُونَ قال ابن كثير: فأثبت لهم الأمن حال الدخول، ونفى عنهم الخوف حال استقرارهم في البلد لا يخافون من أحد، وهذا كان في عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا قال ابن كثير: أي فعلم الله عزّ وجل من الخيرة والمصلحة في صرفكم عن مكة ودخولكم إليها عامكم ذلك ما لم تعلموا أنتم فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ أي: قبل دخولكم الذي وعدتم به في رؤيا النبي صلّى الله عليه وسلم فَتْحاً قَرِيباً قال ابن كثير: وهو الصلح الذي كان بينكم وبين أعدائكم من المشركين، وقال النسفي: وهو فتح خيبر لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود، وقد كان ذلك كله، فهذه الآية من معجزات القرآن، وقصة الرؤيا التي ذكرتها الآية كما قال ابن كثير: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد رأى في المنام أنه دخل مكة، وطاف بالبيت، فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، فلما وقع من قضية الصلح ورجعوا عامهم ذلك على أن يعودوا من قابل، وقع في نفس بعض الصحابة رضي الله عنهم من ذلك شئ، حتى سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك فقال له فيما قال: أفلم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال:«بلى أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟» قال: لا، قال النبي صلّى الله عليه وسلم:«فإنك آتيه ومطوف به» وبهذا أجاب الصديق رضي الله عنه أيضا حذو القذة بالقذة
كلمة في السياق:[حول تدليلها على إحاطة علم الله]
جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فكان فيها تدليل على إحاطة علم الله، ومن ثم ورد فيها قوله تعالى فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا وفي هذا