والسواد. قال ابن كثير: أي: لما قامت القيامة، وشاهدها الكفار، ورأوا أن الأمر كان قريبا لأن كل ما هو آت آت وإن طال زمنه، فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك لما يعلمون ما لهم هناك من الشر، أي: فأحاط بهم ذلك وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ولا حساب ... ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ أي: تستعجلون. قال النسفي: من الدعاء أي: تسألون تعجيله، وتقولون: ائتنا بما تعدنا، أو هو من الدعوى أي: كنتم بسببه تدعون أنكم لا تبعثون.
[كلمة في السياق]
١ - في قوله تعالى: قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ دليل ضمني على مجئ اليوم الآخر، فمتى ثبت أن الله عزّ وجل هو الذي خلق البشر وبثهم في الأرض، لم يعد مستغربا أن يحشرهم، فمن بدأهم لا يعجزه أن يخلقهم مرة ثانية ويحشرهم، وهكذا نجد أن الأمر الثاني يؤكد مضمون الأمر الأول، ويزيد عليه.
٢ - ولما كان الكافرون منهمكين في الكفر، ومستمرين عليه، ومستكبرين ونافرين بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ فإنهم يتضايقون من الإنذار باليوم الآخر، ومن التذكير بالله، ومن المنذرين والمذكرين، ولذلك يتمنون لهم الهلاك، ومن ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم أنه سواء هلك المؤمنون أو لم يهلكوا، فالأمر سواء بالنسبة لتعذيب الكافرين، وليس لهم مفر من التعذيب، فليفكروا في صلب ما هم فيه، وفي ذلك إرجاع للكافر إلى أصل الموضوع. وتعليم لنا أن نبقي الكافر في النقطة الرئيسية فلا يصرفنا عنها إلى فرعيات.
...
[الأمر الثالث]
قُلْ قال ابن كثير: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الجاحدين لنعمه أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ أي: إن أماتني الله وَمَنْ مَعِيَ من أصحابي أَوْ رَحِمَنا أي: أو أخر آجالنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ أي: من ينجيهم من عذاب النار. قال ابن كثير: (أي: خلصوا أنفسكم فإنه لا منقذ لكم من الله إلا التوبة والإنابة والرجوع إلى دينه، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب