حنقهم عليك لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ أي: حين سمعوا القرآن وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ فهم ينظرون إليه شزرا بأعينهم، ويؤذونه بألسنتهم، ويقولون إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ أي:
لمجيئه بالقرآن.
[كلمة في السياق]
١ - بينت هذه الآية نموذجين من مواقف الكفار يقتضيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم صبرا، نموذجا فعليا وهو نظرهم شزرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن، أو نظرهم الذي يريدون به هلاكه، ونموذجا قوليا وهو قولهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه مجنون.
٢ - مما ذكره الله عزّ وجل في آخر الآية وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ نعلم سبب ما جاء في أول السورة ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وهذا يرينا صلة أول السورة بنهايتها.
٣ - من الآية الأخيرة نعرف مظهرا جديدا من مظاهر الكفر والتكذيب، وهو الحقد الشديد على صاحب الدعوة والهدى، بدل الإيمان به والتسليم، وصلة ذلك بمحور السورة واضحة.
٤ - وكرد على موقف الكافرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا الذكر، تأتي الآية الأخيرة في السورة.
...
وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أي: وما القرآن إلا موعظة للجن والإنس. لقد حكموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنون، ونظروا إليه شزرا لأجل القرآن، وما القرآن إلا موعظة للعالمين، فكيف يحكم بالجنون على من جاء بمثله؟ وذكر النسفي وجها آخر للآية فقال:(وما هو- أي: محمد عليه السلام- إلا شرف للعالمين، فكيف ينسب إليه الجنون)، والوجه الأول أقوى.
قال صاحب الظلال: (ولا بد قبل نهاية الحديث من لفتة إلى كلمة «للعالمين» ... هنا والدعوة في مكة تقابل بذلك الجحود، ويقابل رسولها بتلك النظرات المسمومة
المحمومة، ويرصد المشركون لحربها كل ما يملكون ... وهي في هذا