كانت المرأة فى الجاهلية، تورث كما يورث المتاع، فكانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته. إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها. وإن شاءوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من نفسها ومن أهلها. فأنزل الله تحريم ذلك في الآية الأولى من هذا المقطع، فنهى فيه عن إرثهن وما كانوا يرتبون عليه، كما نهى عن مضارتهن بالعشرة وقهرهن حال كراهيتهن، من أجل أن يتخلين عن حقوقهن ليخلصن أنفسهن. ولم يسمح بذلك إلا في حالة واحدة: في حالة الزنا، فقد سمح فيه أن يضاجرها ليسترجع صداقها ويخالعها. وهذا إذا لم يرد أن يلجأ إلى اللعان، فإذا لا عن طلقت منه، وسقط حقه في المهر. ثم أمر بالإحسان بعشرتهن بطيب القول، وحسن الفعل، وتحسين الهيئة. ثم بين أنه حتى لو كان الرجل يكره امرأته فإنه يندب له أن يصبر ويمسك، إذ عسى أن يكون في الصبر على إمساكهن مع الكراهة خير كثير في الدنيا والآخرة. كأن يرزق منها ولد، ويكون في ذلك الولد خير كثير.
وفي الحديث الصحيح:«لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقا رضي منها آخر».
وفي الآية الثانية بين الله- عزّ وجل- أن الزوج إذا أراد أن يفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها، فلا يأخذ مما كان أصدق الأولى شيئا، ولو كان قنطارا من المال. إذ كيف يؤخذ من الصداق بعد ما حدث من الجماع، وكان العقد والعهد. فهذا يقتضي إن كان طلاق ألا يكون استرجاع صداق. ثم نهى الله- عزّ وجل- عن نكاح زوجات الآباء، تكرمة لهم، وإعظاما واحتراما أن توطأ من ولده من بعده. حتى إنها لتحرم على الابن بمجرد العقد عليها. وهذا أمر مجمع عليه. وقد بشعه الله غاية التبشيع.
فوصفه بأنه فاحشة، وأن الله يمقت عليه. وأنه بئس طريقا لمن سلكه من الناس.
[المعنى الحرفي]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً. أي لا يحل لكم أن