لكي يجربوه فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية الحق أقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية».
فهل في هذا النص الأخير إشارة إلى موضوع طلب المائدة ثم حرّف وصيغ هذه الصياغة المحرفة؟ كل ذلك ممكن ولا يترتب على كون المائدة نزلت أو لم تنزل شئ عملي، فنحن مؤمنون بنزولها إن كانت قد نزلت، وبعدمه إن لم تكن نزلت، ونؤمن بأنّ القرآن هو الحق الخالص.
[كلمة في السياق]
بهذه الخاتمة تنتهي سورة المائدة وفيها يعرض الله مشهدا من مشاهد يوم القيامة حيث يخاطب الله الرسل عامّة، ويسألهم عما أجيبوا ويذكّر عيسى بنعمه، ومن ذلك إظهاره لاستجابته له عند ما طلب الحواريّون منه المائدة واشتراطه، ثمّ سؤاله عما إذا كان أمر الخلق بعبادته، وجواب عيسى بأنه لم يدع إلا لعبادة الله، وجواب الله له عمّا أعدّ للصادقين، وفي هذا ربط لنهاية السورة بما ذكر فيها من قصة النّصارى، وفي ذلك وضع للأمور في نصابها من أنّ النّجاة الحقيقيّة هي في عبادة الله، والصدق معه، والتسليم بربوبيته، وفي هذا المقام نتذكّر أنّ سورة المائدة امتداد لسورة النّساء، فهي تفصل في حيّز المحور العام لسورة النساء الذي هو اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... * مع كونها تختص بمحور خاص بها وهو وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ .. وهاهنا موضوع سيبرز معنا في ما بعد بشكل أوضح، كيف تفصّل سورة في محورها، وتخدم محل ذلك المحور في سياقه من سورة البقرة، وهو موضوع نؤثر هنا أن نمسه مسا رفيقا لأنه ستأتي أمثلة واضحة عليه، وعندئذ نقف عنده وقفات أطول ونكتفي هنا أن نقول:
إن سورة النساء، والمائدة، والأنعام، تفصّل في المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة، فسورة النساء تفصّل في الخمس آيات الأولى فيه. وسورة المائدة تفصّل
في الآيتين التاليتين، وسورة الأنعام تفصّل في الآيتين الأخيرتين من المقطع، وسورة المائدة تفصّل في محورها، ومحورها مرتبط بما قبله، ومن ثم يظهر فيها ما له صلة بما قبل المحور من معان، فهي امتداد لسورة النساء من ناحية، وهي تفصل في محورها من ناحية أخرى، ومع هذا وهذا فلها سياقها الخاص بها، وعلى ضوء ما ذكرناه ندرك كيف أنّ