للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكريم اللائق بالإنسان. الخليفة في الأرض. المستخلف بحكم ما في كيانه من روح الله). أي روح خلقها الله ونسبها لذاته تشريفا.

كلمة في السياق: [في صلة المجموعة الأولى من المقدمة بالمجموعة الثانية منها وبالسورة]

هذه الآيات مدخل إلى السورة. فمن خلال رؤية صدق الله عزّ وجل في تحقق موعوده الذي ذكرته هذه الآيات وهو انتصار الروم على الفرس. يذكّر الله عزّ وجل الخلق بأن وعده كله لا بد أن يتحقق، ومن ذلك وعده بقيام الساعة. فذكر الله عزّ وجل موضوع الروم- وهو معجزة- مدخل للكلام عن وعده الكبير بإقامة اليوم الآخر، ومدخل للكلام عن اليوم الآخر. ومن ثمّ نلاحظ أن السياق يبدأ بعد ذلك بإثارة تفكير الإنسان للوصول إلى الإيقان بالآخرة كما سنرى في قوله تعالى:

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ... وقبل أن ننتقل إلى المجموعة الثانية من مقدمة السورة فلنذكر بعض الفوائد المتعلّقة بما مرّ.

[فوائد]

١ - [من الروايات التي ذكرها ابن كثير حول موضوع إنزال الآيات الأولى من سورة الروم]

ذكر ابن كثير روايات كثيرة حول موضوع إنزال الآيات الأولى من سورة الروم، وفيها رهان أبي بكر والمشركين، ونحن نجتزئ من مجموع كلامه مقدّمة كلامه والرواية الأولى من رواياته، قال: (نزلت هذه الآيات حين غلب سابور ملك الفرس على بلاد الشام، وما والاها من بلاد الجزيرة، وأقاصي بلاد الروم، فاضطر هرقل ملك الروم حتى ألجأه إلى القسطنطينية، وحاصره فيها مدة طويلة، ثم عادت الدولة لهرقل كما سيأتى. وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:

الم* غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ قال: غلبت وغلبت، وقال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لانهم أصحاب أوثان. وكان المسلمون يحبّون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب، فذكر ذلك لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أما إنهم سيغلبون» فذكره أبو بكر لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر أبو بكر لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال:

«ألا جعلتها إلى دون- أراه قال- لعشر» قال سعيد بن جبير: البضع: ما دون العشر، ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله: الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>