الإنسان بين يدي الله تعالى متطهرا من الأوساخ الحسية والمعنوية أقرب إلى التعظيم، فكان أكمل في الخدمة، ولهذا قيل: إنّ الأولى أن يصلي الرّجل في أحسن ثيابه وأنّ الصّلاة متعمّما أفضل من الصلاة مكشوف الرأس، كما أن ذلك أبلغ في التّعظيم.
٥ - وقد وردت السنة بالحثّ على الدّعاء والذّكر عقب الوضوء ففي الحديث الصحيح «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ- أو فيسبغ الوضوء- يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنّة الثمانية يدخل من أيها شاء». وفي حديث آخر ندب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المتوضئ إلى أن يدعو بعد الوضوء بقوله:«اللهمّ اجعلني من التّوابين واجعلني من المتطهرين».
٦ - في صحيح مسلم عنه عليه وآله الصلاة والسلام:«لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا صلاة بغير طهور». وفي صحيح مسلم كذلك عنه عليه الصلاة والسلام. «الطّهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله، والله أكبر تملأ ما بين السماء والأرض، والصوم جنّة، والصبر ضياء، والصدقة برهان، والقرآن حجّة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها».
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بأن أنزل عليكم هذا الإسلام وهداكم إليه وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا. أي: واذكروا ميثاقه الذي عاقدكم به عقدا وميثاقا إذ تقولون سمعنا وأطعنا، دلّ هذا على أن قول المؤمن سمعنا وأطعنا ميثاق وعقد مع الله ومع رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وذهب أئمة التفسير إلى أن هذا تذكير بالبيعة التي كانوا يبايعون عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند إسلامهم فقد كانوا يقولون: بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على السّمع والطّاعة، في منشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله».
والنص أعمّ. فكل مؤمن قال سمعنا وأطعنا فقد أعطى ميثاقه، وعليه أن يتذكّره وأن يفي به. وَاتَّقُوا اللَّهَ في نقض الميثاق وهو تأكيد وتحريض على مواظبة التّقوى في كلّ حال إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ. أي: بسرائر الصدور من الخير والشرّ، هو وعد ووعيد.