الولاء لله والرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فمتى هاجر الإنسان انتقل من ولاء إلى ولاء، ومتى بايع فقد خلع كل ولاء، وأعطى كل الولاء لمن بايعه، فذكر الهجرة والبيعة في هذا السياق يشير إلى طريقي التحرر من ولاء الكافرين، وهذا موضوع يجب أن نعطيه في عصرنا الأهمية الكبرى والعظمى في عملية نقل ولاء المسلم والمسلمة كما سنرى في الفوائد.
يبقى أن نتساءل: ما الحكمة في عرض قضيتي الهجرة والبيعة من خلال موضوع المرأة؟ والجواب- والله أعلم- أولا: لأن ذلك واقعة حال تحتاج إلى جواب، وقد جعل الله عزّ وجل جوابها في هذه السورة. ثانيا: لتذكير المسلمين بموضوع المرأة، على أنه أصل في العمل الإسلامي على كل مستوى وليس فرعا. ثالثا: لتبين لنا السورة أن أخذ ولاء المرأة له صلة بأخذ ولاء المجتمع الإسلامي كله، وأن رعاية شأن المرأة برعاية الأحكام الخاصة بها شئ له وزنه العظيم في قضية التطهير من الفسوق. ولننقل الآن بعض الفوائد المتعلقة ببعض آيات السورة.
[الفوائد]
١ - من روايات أسباب نزول صدر سورة الممتحنة هذه الرواية: (في الصحيحين ... عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير بن العوام وكلنا فارس وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأة من المشركين، معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين، فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا الكتاب؟ فقالت: ما معي كتاب، فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا، فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك، فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين؛ فدعني فلأضرب عنقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما حملك على ما صنعت؟» قال حاطب: والله ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله، فقال:«صدق لا تقولوا له إلا خيرا» فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين؛ فدعني فلأضرب عنقه، فقال:«أليس من أهل بدر؟» فقال: «لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا