للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم من كلمات براقة، وكم من مذاهب ونظريات، وكم من تصورات مزوقة، وكم من أوضاع حشدت لها كل قوى التزيين والتمكين .. ولكنها تتذاوب أمام كلمة من الله، فيها من سلطانه- سبحانه- سلطان.

وفي ثقة المطمئن، وقوة المتمكن، يواجه هود قومه بالتحدي: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ.

إن هذه الثقة هي مناط القوة التي يستشعرها صاحب الدعوة إلى الله .. إنه على يقين من هزال الباطل وضعفه وخفة وزنه مهما انتفش ومهما استطال. كما أنه على يقين من سلطان الحق الذي معه وقوته بما فيه من سلطان الله).

فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ أي من آمن به بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الدابر: الأصل أو الكائن خلف الظهر وقطع دابرهم: استئصالهم وتدميرهم عن آخرهم وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ نفى الإيمان عنهم وأثبت التكذيب؛ ليؤكد أن الاستئصال كان في محله. يقول صاحب الظلال: فهو المحق الكامل الذي لا يتخلف منه أحد. وهو ما عبر عنه بقطع الدابر. والدابر هو آخر واحد في الركب يتبع أدبار القوم! وهكذا طويت صفحة أخرى من صحائف المكذبين. وتحقق النذير مرة أخرى بعد إذ لم ينفع التذكير.

[فوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى على لسان هود اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ يقول صاحب الظلال: (إنها نفس الرسالة، ونفس الحوار، ونفس العاقبة .. إنها السنة الماضية، والناموس الجاري، والقانون الواحد ..

إن قوم عاد هؤلاء من ذراري نوح والذين نجوا معه في السفينة، وقيل: كان عددهم ثلاثة عشر .. وما من شك أن أبناء هؤلاء المؤمنين الناجين في السفينة كانوا على دين نوح عليه السلام- وهو الإسلام- كانوا يعبدون الله وحده، ما لهم من إله غيره، وكانوا يعتقدون أنه رب العالمين. فهكذا قال لهم نوح: وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. فلما طال عليهم الأمد، وتفرقوا في الأرض، ولعب معهم الشيطان لعبة الغواية، وقادهم من شهواتهم- وفي أولها شهوة الملك وشهوات المتاع، وفق الهوى لا وفق شريعة الله، عاد قوم هود يستنكرون أن يدعوهم نبيهم إلى عبادة الله وحده من جديد)

<<  <  ج: ص:  >  >>