للجنس؟ قولان للمفسرين فإن كانت للعهد فذلك إشارة إلى حجر معلوم، وإن كانت للجنس فذلك إشارة إلى أي حجر، والانفجار هو: السيلان بكثرة وكانت اثنتا عشرة عينا على عدد أسباط بني إسرائيل، وقد عرف كل سبط- أي فروع ابن من أبناء يعقوب- عينهم التي يشربون منها فأصبح أكلهم في التيه المن والسلوى وشربهم من العيون والكل من رزق الله، والعيث أشد الفساد. ومعنى قوله تعالى وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ أي ولا تتمادوا في الفساد في حال فسادكم، وبهذه الآية تمت صورة ما أعطي بنو إسرائيل في التيه لطعامهم وشرابهم ليكون ذلك تأسيسا للآية بعدها، التي تعرفنا على طبيعة جديدة لليهود هي الطبيعة المتطلعة لغير ما أعطيت، الطبيعة التي تتطلع إلى الدنئ الممنوع رغم ما بيدها من الخير الرفيع، وقد نهتهم هذه الآية عن الفساد ولم تذكر لنا شيئا عن فسادهم ولكن الآية اللاحقة تؤكد إفسادهم في الأرض كما سنرى.
الطعام الواحد هو المن والسلوى، وإنما قالوا: على طعام واحد وهما طعامان لأنهم أرادوا بالواحد ما لا يتبدل، ولو كان على مائدة الرجل ألوان عدة يداوم عليها كل يوم لا يبدلها يقال: لا يأكل فلان إلا طعاما واحدا، والبقول: ما أنبتته الأرض من الخضار، والمراد به في النص أطايب البقول، والقثاء معروفة وهي والخيار صنف واحد، والفوم هو الحنطة على لغة قريش، أو الحمص على لغة الشام، أو الثوم، وقد قرأ به ابن مسعود، أو هو كل ما يختبز.
والأدنى: هو الأقرب منزلة والأدون مقدارا، والدنو والقرب يعبر بهما عن قلة المقدار، والخير في الآية هو الأرفع والأجل، ومصرا في الآية منكرة أي: أي مصر من الأمصار يوجد فيه ما سألتم، والذلة الهوان، والمسكنة: الاستكانة فاليهود أذلاء وأهل مسكنة من طبيعتهم التصاغر والتفاقر ومعنى «باءوا بغضب من الله» أي صاروا أحقاء بغضبه- أو حقوا على رأي الكسائي وباء معناها رجع.
يقول تعالى في الآية: واذكروا نعمتي عليكم في إنزالي عليكم المن والسلوى طعاما