وأصحاب يأخذون بسنّته، ويقتدون بأمره، ثمّ إنّها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» أخرجه مسلم عن ابن مسعود.
[كلمة أخيرة في سورة العنكبوت]
رأينا من خلال عرضنا للسورة أن السورة تفصّل قوله تعالى من سورة البقرة: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (البقرة: ١ - ٤) وكان تفصيلها أن فصّلت في لوازم الإيمان بالغيب فذكرت:
الامتحان، ورجاء لقاء الله، والجهاد، والعمل الصالح، وبر الوالدين، والصبر على الأذى، وعدم الخضوع لتأثيرات الكافرين.
وفصّلت في لوازم الإيمان بالكتب السماوية كلها فذكرت:
عدم مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن.
وفصّلت في الطريق لتحقيق الإيمان الصادق، وتحقيق التقوى: فذكرت تلاوة القرآن، وإقامة الصلاة، والذكر، والعمل الصالح، والصبر، والتوكل، والمجاهدة، والإحسان.
وفصّلت في إقامة الحجّة على أنّ هذا القرآن من عند الله.
وفصّلت في تبيان نعم الله، وما تقتضيه في موازين الإيمان، ورسمت الطريق لتحقيق الإيمان ابتداء بالجهاد، وتوسطا بالصبر، وانتهاء بالهجرة والصبر والتوكل.
...
وكما فصّلت في صفات المتقين فصّلت في ما يقابل ذلك من الكفر، والنفاق، وهي المواضيع التي تحدّثت عنها مقدمة سورة البقرة.
فعرفنا علامة النفاق، وعرفنا بعض لوازم الكفر وآثاره.