للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها أي إذا فعلوا الفاحشة اعتذروا بأن آباءهم كانوا يفعلونها فاقتدوا بهم، وبأن الله أمرهم بأن يفعلوها حيث أقرنا عليها؛ إذ لو كرهها لنقلنا عنها، وهما باطلان لأن أحدهما تقليد للجهال، والثاني افتراء على ذي الجلال قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ إذ المأمور به لا بد أن يكون حسنا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ هذا استفهام يفيد الإنكار والتوبيخ

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ أي بالعدل وبما هو حسن عند كل عاقل فكيف يأمر بالفحشاء وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ أي وقل أقيموا وجوهكم عند كل مسجد أي اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين إلى غيرها في كل وقت سجود أو في كل مكان سجود وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي واعبدوه مخلصين له الطاعة مبتغين بها وجهه خالصا كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي كما أنشاكم ابتداء يعيدكم. احتج عليهم في إنكارهم الإعادة بابتداء الخلق، والمعنى: أنه يعيدكم فيجازيكم عن أعمالكم فأخلصوا له العبادة

فَرِيقاً هَدى وهم المسلمون وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ وهم الكافرون إِنَّهُمُ أي الفريق الذي حق عليهم الضلالة اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي أنصارا فهذا سبب ضلالهم وإضلالهم وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ وهذا حال كل كافر يكون على غاية الضلال ويظن أنه على غاية الهدى، ومنتهى الصواب، وعلى الذروة فى رجاحة العقل، وحسن التصرف، وغير ذلك مما يمليه الغرور فى ادعاء ألقاب وأوصاف، وإنما هي الضلال والضياع والعمى.

[كلمة في السياق]

بعد أن بين الله عزّ وجل ما يبرر به الكافرون لأنفسهم ارتكابهم الفواحش، ورد عليهم، وكان من جملة الرد ما بينه في وصفه لنوعية أوامره من كونها من نوع القسط والعبادة والإخلاص والدعاء وكان من جملة ما يأمر به وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ بعد هذا كله يأتي النداء الثالث في المجموعة: آمرا بأخذ الزينة عند كل مسجد، وناهيا عن الإسراف في الطعام والشراب، فإذا كان ستر العورة مطلوبا خارج المسجد وخارج الصلاة. فمن باب أولى أن يكون مطلوبا في المسجد، وفي الصلاة، وإذا كان الطعام هو الذي جر أبانا إلى المعصية فعلينا ألا نسرف في الطعام والشراب؛ لأن الإسراف نفسه معصية، ويجر إلى المعاصي كذلك،

وهكذا يأتي الأمر الثالث بعد أن سبق بكثير من الموطئات التي توصل إليه: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>