وهي صفات يشترك فيها كل كافر، فكل كافر يعتبر الحياة الدنيا أصلا ويجعلها الميزان لكل تصرف، وكل كافر يصد عن السبيل في الحقيقة، وكل كافر يحرص على أن يجد ثغرات في سبيل الله ليهاجمها، ويحرص على أن يحرف سبيل الله ويعوجها- إن استطاع- باستعماله كل الوسائل حتى لا تبقى سبيل الله مستقيمة.
٢ - إذا جمعنا قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مع قوله تعالى وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ نفهم منهما أنه ما من أمة لها لسان خاص إلا وقد بعث الله لها رسولا، فما يفهمه بعض الناس أن الرسل لم يبعثوا إلا في المنطقة العربية، أو في منطقة بلاد الشام، وما جاورها فإنه ليس صحيحا. فكل أمة لها لسانها بعث الله لها رسولا منها بلغتها. وروى الإمام أحمد عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يبعث الله عزّ وجل نبيا إلا بلغة قومه». والحكمة في ذلك هي: ألا يكون لهم على الله حجة؛ فلا يقولون له لم نفهم ما خوطبنا به، فإن قال قائل: إن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس جميعا بل إلى الإنس والجن وهم على ألسنة مختلفة فالجواب:
إن هذا القرآن إما أن ينزل بجميع الألسنة، أو بواحد منها، ولا حاجة إلى نزوله بجميع الألسنة لأن الترجمة تنوب عن ذلك فتعين أن ينزل بلسان واحد، وكان لسان قومه أولى بالتعيين لأنهم أقرب إليه
٣ - دلتنا الآيات أن صراط الله هو النور، وأن الخروج إليه يكون بالرسول والقرآن. والقرآن موجود والسنة موجودة، ووراث رسول الله صلى الله عليه وسلم
موجودون ينوبون مناب الرسول صلى الله عليه وسلم في الإخراج من الظلمة إلى النور كما دلتنا الآيات أن بالبيان تقوم الحجة، وأن إضلال الله وهدايته أثر عن عدله وفضله، وأثر عن الاستحقاق بسبب الخصائص والصفات. فالخروج من الظلمات إلى النور لا يكون إلا بالله، والله عزّ وجل جعل لذلك سننا وأسبابا، وقد حدد الله عزّ وجل في هذه الآيات هذه السنن