للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة في السياق]

١ - في مقدمة سورة البقرة وصف الله المتقين بأنهم الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ووصفهم بأنهم وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ وهاهنا في سورة الحديد أمر بالإيمان بالله ورسوله، والأمر بالإيمان بهما أمر بالشهادتين، وهذا الذي كان يركز عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان يدعو إلى الشهادتين ويعتبر هما رمز الدخول في الإسلام، وما ذلك إلا لأن الشهادتين يدخل في مضمونهما كل أركان الإيمان، فمن آمن بالله والرسول آمن بالملائكة الذين هم الواسطة بين الله والرسل، ومن آمن بالرسول آمن بالوحي والكتب، ومن آمن بالله آمن بالقدر، لأن الإيمان بالقدر فرع الإيمان بالله، ومن آمن بالله والرسول آمن باليوم الآخر، ومن ثم ندرك أن الأمر بالإيمان بالله والرسول نوع تفصيل لموضوع الإيمان بالغيب، وأن يرافق الأمر بالإيمان بالله والرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالإنفاق. فذلك يبين أهمية الإنفاق في دين الله عزّ وجل، وهو موضوع عرفت أهميته واقعيا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ارتد من ارتد، وكان سبب ردة بعض هؤلاء إرادتهم النكوص عن الإنفاق.

٢ - رأينا أن الآية الأولى من المقطع أمرت بالإيمان بالله والرسول، ثم أمرت بالإنفاق والآن تأتي مجموعتان: مجموعة تحض على الإيمان بالله، ومجموعة تحض على الإنفاق.

[تفسير المجموعة الأولى]

وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ أي: وأي عذر لكم في ترك الإيمان بالله وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ قال ابن كثير: أي: وأي شئ يمنعكم من الإيمان والرسول بين أظهركم يدعوكم إلى ذلك، ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ أي: وقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم ميثاقكم بالبيعة، هكذا فسرها ابن كثير، وذهب مجاهد وهو الذي اعتمده ابن جرير أن المراد بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي: مصدقين قال النسفي: (أي: وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقكم بقوله: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ أو بما ركب فيكم من العقول، ومكنكم من النظر في الأدلة فإذ لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول وتنبيه الرسول فما لكم لا تؤمنون إن كنتم مؤمنين لموجب ما؟ فإن هذا الموجب

<<  <  ج: ص:  >  >>