للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله «لا تفضلوني على الأنبياء ولا على يونس بن متى». قيل من باب التواضع وقيل:

قبل أن يعلم بذلك. وقيل نهى أن يفضل بينهم على وجه الغضب والتعصب. وقيل على وجه القول بمجرد الرأي والتشهي، والله أعلم، وقوله «فإن الناس يصعقون يوم القيامة». الظاهر أن هذا الصعق يكون في عرصات القيامة يحصل أمر يصعقون منه، والله أعلم به. وقد يكون ذلك إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء وتجلى للخلائق الملك الديان، كما صعق موسى من تجلي الرب تبارك وتعالى، ولهذا قال عليه السلام:

«فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور».

٤ - قال ابن كثير: عند قوله تعالى: لَنْ تَرانِي. وقد أشكل حرف «لن» هاهنا على كثير من العلماء لأنها موضوعة لنفي التأبيد، فاستدل به المعتزلة على نفي الرؤية في الدنيا والآخرة، وهذا أضعف الأقوال لأنه قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة، كما سنوردها عند قوله تعالى:

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وقوله تعالى إخبارا عن الكفار كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ وقيل إنها لنفي التأبيد في الدنيا جمعا بين هذه الآية وبين الدليل القاطع على صحة الرؤية في الدار الآخرة، وقيل إن هذا الكلام في هذا المقام كالكلام في قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.

وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد ذهابه إلى الطور مِنْ حُلِيِّهِمْ من الحلي التي كانوا استعاروها من المصريين ليلة هروبهم. قال النسفي: وفيه دليل على أن الاستيلاء على أموال الكفار يوجب زوال ملكهم عنها» والمتخذ هو السامري ولكنهم رضوا به. فأسند الفعل إليهم. والحلي جمع حلى وهو اسم ما يتحسن به من الذهب والفضة .. عِجْلًا جَسَداً أي بدنا كاملا في صفته. لَهُ خُوارٌ. الخوار صوت البقر ويظهر أن صانعه كان متقنا لفن الصياغة. وهذا يدل على تقدم هذا الفن عند المصريين، ثم عجب الله من عقولهم السخيفة حين اتخذوه إلها أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا أي ألم يروا أنه لا يقدر على كلام ولا على هداية سبيل فكيف لا يختارونه على من لو كان البحر مدادا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد كلماته وهو الذي هدى الخلق إلى سبيل الحق بما ركز في العقول من الأدلة، وبما أنزل في الكتب اتَّخَذُوهُ أي اتخذوه إلها فأقدموا على هذا المنكر وَكانُوا ظالِمِينَ وأي

<<  <  ج: ص:  >  >>