للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) أقول: وهذا يفيد أنهم وصلوا إلى درجة من الطغيان والكفران ما عادوا معه ينتفعون بشيء،

ومن ثم قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:

فَذَرْهُمْ قال ابن كثير: أي دعهم يا محمد حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ وذلك يوم القيامة، عند النفخة الأولى، نفخة الصعق يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.

وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أي: لهؤلاء الكافرين المشركين عَذاباً دُونَ ذلِكَ أي: قبل ذلك في الدار الدنيا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ قال ابن كثير: (أي: نعذبهم في الدنيا ونبتليهم فيها بالمصائب؛ لعلهم يرجعون وينيبون فلا يفهمون ما يراد بهم؛ بل إذا جلي عنهم عادوا إلى أسوأ مما كانوا، كما جاء في بعض الأحاديث: «إن المنافق إذا مرض وعوفي، مثله في ذلك كمثل البعير لا يدري فيما عقلوه، ولا فيما أرسلوه» وفي الأثر الإلهي: كم أعصيك ولا تعاقبني. قال الله تعالى: يا عبدي، كم أعاقبك وأنت لا تدري).

[كلمة في السياق]

رأينا أن المجموعة الأولى في السورة تحدثت عن ما أعد الله من عذاب للكافرين، وأن المجموعة الثانية تحدثت عن المتقين وعما أعد الله لهم، وجاءت المجموعة الثالثة فأمرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتذكير، وبينت له معالم إقامة الحجة، ثم تأتي بعد ذلك أوامر معطوفة على الأمر بالتذكير، مما يشير إلى أن التذكير ينبغي أن

ترافقه معان بعينها.

بدأت المجموعة بقوله تعالى: فَذَكِّرْ والآن يأتي قوله تعالى: وَاصْبِرْ ...

فلنر ذلك:

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ قال النسفي: (أي بإمهالهم وبما يلحقك فيه من المشقة) فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا أي: برعايتنا، قال النسفي: أي بحيث نراك ونكلؤك.

وقال ابن كثير: (أي اصبر على أذاهم ولا تبالهم، فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا، والله يعصمك من الناس).

قال صاحب الظلال في قوله تعالى: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا:

(ويا له من تعبير! ويا له من تصوير! ويا له من تقدير! إنها مرتبة لم يبلغها قط إنسان. هذه المرتبة التي يصورها هذا التعبير الفريد في القرآن كله. حتى بين التعبيرات المشابهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>