وَأُخْرى تُحِبُّونَها أي: وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها وهي: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ أي: عاجل، أي: ولكم إلى هذه المذكورة من المغفرة والثواب في الآجلة نعمة أخرى عاجلة محبوبة إليكم، ثم فسرها بأنها النصر والفتح القريب، قال ابن كثير:(فهي الزيادة وهي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة لمن أطاع الله ورسوله ونصر دينه) ولهذا قال تعالى: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ أي: بشرهم يا رسول الله بذلك.
[كلمة في السياق]
١ - صلة هذه الفقرة بما قبلها واضحة، فبعد أن قررت الفقرة السابقة ضرورة القتال في سبيل الله، ومحبة الله لأهله، تأتي هذه الفقرة لتهيج على القتال، وتبين ما أعد الله لأهله، وما وعدهم به إذا آمنوا وجاهدوا.
٢ - جاء في مقدمة سورة البقرة قوله تعالى عن المنافقين: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ وجاء في الفقرة الأولى من سورة الصف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ وجاء في الفقرة الثانية من سورة الصف هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ لاحظ كلمة العذاب الأليم المشتركة بين مقدمة سورة البقرة وهذه الآية، مما يشير إلى أن الله عزّ وجل في سورة الصف يأمر عباده أوامر تمحصهم للتقوى والجنة وتخلصهم من أخلاق النفاق.
٣ - يلاحظ في مقدمة سورة البقرة أن الله عزّ وجل ختم الكلام عن المتقين بقوله: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وختم الكلام عن المنافقين قبل أن يضرب لهم المثلين بقوله: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ وفي هذه الفقرة من سورة الصف قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ... فالفقرة إذن تفصل في التجارة الرابحة.
٤ - يلاحظ أن هناك تشابها كبيرا بين الفقرة التي مرت معنا من سورة الصف، وبين آيات في سورة البقرة هي قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ