للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه ولا تصادم سواء في ذلك الأصول والفروع.

فهذه الظواهر المدركة ... وأمثالها ... مع ذلك السر الخافي الذي لا سبيل إلى إنكاره ... مما يسبغ على هذا الكتاب سمة الإعجاز المطلق في جميع العصور. وهي مسألة لا يماري فيها إنسان يحترم حسه، ويحترم نفسه، ويحترم الحقيقة التي تطالعه بقوة وعمق ووضوح، حيثما واجه هذا القرآن بقلب سليم ... فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ).

...

رأينا أن الأقوال السابقة للكافرين في رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن، سببها الطغيان والكفر، وإذ يتقرر هذا يعرض الله عزّ وجل بقية أقوالهم ومواقفهم التي هي كفر وأثر عن الطغيان، ومن ثم يختم عرض هذه الأقوال بقوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ مما يفيد أن كفرهم قد وصل إلى حد نسيان الله حتى في حالة معاينة العذاب، فهم لا يرون في ذلك إلا ظاهرة من ظواهر الكون، وقد عرض الله عزّ وجل هذه الأقوال بصيغة الإنكار عليهم؛ مما يدل على بطلانها بديهة.

...

أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ قال ابن كثير: (أي أوجدوا من غير موجد، أم هم أوجدوا أنفسهم؟ أي لا هذا ولا هذا، بل الله هو الذي خلقهم، وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا)، وقال النسفي: (أي أم أحدثوا وقدروا التقدير الذي عليه فطرتهم من غير شئ، أي من غير مقدر؟ أم هم الذين خلقوا أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق، وقيل أخلقوا من أجل لا شئ فلا جزاء ولا حساب أم هم الخالقون فلا يأتمرون)

أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فهم الأرباب، ومن ثم فلا يعبدون خالقهما بَلْ لا يُوقِنُونَ هذه هي علة مواقفهم أنهم لا يتدبرون فيصلون إلى اليقين، فيبنون عليه البناء الصحيح.

...

قال ابن كثير بين يدي هاتين الآيتين: (هذا المقام في إثبات الربوبية، وتوحيد الألوهية).

<<  <  ج: ص:  >  >>