الأربع، والنسفي يرى أن الضمائر كلها ترجع إلى الله وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ فتعزير الله تعزير دينه ورسوله، وتوقير الله تعظيمه، وتسبيحه تنزيهه، قال:(ومن فرّق الضمائر فجعل الأوّلين للنبي صلّى الله عليه وسلم فقد أبعد) ثم قال تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلم تشريفا له وتكريما وتعظيما
إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ أي: إن عقد الميثاق مع الرسول صلّى الله عليه وسلم كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما، وفي ذلك تشريف عظيم لرسول الله صلّى الله عليه وسلم إذ أقامه الله عزّ وجل هذا المقام يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ قال ابن كثير:(أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلّى الله عليه وسلم) فَمَنْ نَكَثَ أي:
نقض العهد ولم يف بالبيعة فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه قال ابن كثير: أي إنما يعود وبال ذلك على الناكث والله غني عنه وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً أي: ثوابا جزيلا، أي: الجنة.
فائدة [حول قراءة كلمة (عليه) بضم الهاء وكسرها]
(قرأ الجمهور (عليه) بكسر الهاء كما هو الشائع، وضمها حفص هنا، قيل: وجه الضم إنها هاء هو وهي مضمومة فاستصحب ذلك كما في له وضربه، ووجه الكسر رعاية الياء، وكذا في إليه وفيه، وكذا فيما إذا كان قبلها كسرة نحو به، ومررت بغلامه لثقل الانتقال من الكسر إلى الضم، وحسن الضم في الآية التوصل به إلى تفخيم لفظ الجلالة الملائم لتفخيم أمر العهد المشعر به الكلام، وأيضا إبقاء ما كان على ما كان ملائم للوفاء بالعهد وإبقائه وعدم نقضه).
كلمة في السياق:[المقطع الثاني]
١ - جاء قوله تعالى إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً بين جملتين من المعاني، كلها تفيد كرامة رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الله، فقد سبق ذلك المقطع الأول بمعانيه، وجاء بعد ذلك أن بيعة رسول الله صلّى الله عليه وسلم هي بيعة لله، وهذا كله يدفع لتحقيق الواجب نحو الله، ونحو رسوله صلّى الله عليه وسلم من إيمان وتعزير وتوقير ..