للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحقيق أنها ليست آخر آية نزلت كما يظنّ بعضهم. بل آخر آية كما رأينا وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ....

٨ - [متى يحل أكل الميتة]

وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي واقد الليثي أنهم قالوا يا رسول الله إنا بأرض تصيبنا بها المخمصة فمتى تحلّ لنا بها الميتة. فقال: «إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفئوا بها بقلا فشأنكم بها».

الاصطباح: الغداء. والاغتباق: العشاء. والاحتفاء: قلع البقل من الأرض.

وقال الحسن: إن رجلا سأل النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال متى يحلّ الحرام؟ قال: فقال: «إلى متى يروى أهلك من اللبن أو تجئ ميرتهم». وروى عروة بن الزبير عن جدّته أنّ رجلا من الأعراب أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستفتيه في الذي حرّم الله عليه، والذي أحل له. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يحلّ لك الطيبات ويحرم عليك الخبائث إلا أن تفتقر إلى طعام لك فتأكل منه حتى تستغني عنه فقال الرجل: وما فقري الذي يحل لي؟ وما غنائي الذي يغنيني عن ذلك؟ فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: إذا كنت ترجو غناء تطلبه فتبلغ من ذلك شيئا. فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه. فقال الأعرابي ما غنائي الذي أدعه إذا وجدته.

فقال صلّى الله عليه وسلّم: إذا رويت أهلك غبوقا من الليل فاجتنب ما حرّم الله عليك من طعام مالك فإنه ميسور كله فليس فيه حرام». وروى أبو داود عن النّجيع العامري أنه أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسلّم. فقال: ما يحلّ لنا من الميتة؟ قال: ما طعامكم؟ قلنا نغتبق، ونصطبح. قال أبو نعيم فسّره لي عقبة: قدح غدوة، وقدح عشية قال: ذاك- وأبي الجوع- وأحل لهم الميتة على هذه الحال». قال ابن كثير: وكأنهم كانوا يصطبحون ويغتبقون شيئا لا يكفيهم. فأحلّ لهم الميتة لتمام كفايتهم. وقد يحتجّ به من يرى جواز الأكل منها حتى يبلغ حد الشّبع ولا يتقيّد ذلك بسدّ الرّمق. وقد فسر عقبة الاصطباح والاغتباق في الحديث بأنه قدح عشية. وروى أبو داود عن سمرة أنّ رجلا نزل الحرّة ومعه أهله وولده فقال لهم رجل: إنّ ناقتي ضلّت فإن وجدتها فأمسكها. فوجدها ولم يجد صاحبها. فمرضت. فقالت له امرأته: انحرها، فأبي. فنفقت. فقالت له امرأته:

اسلخها حتى نقدّد شحمها ولحمها فنأكله. قال: حتى أسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فأتاه فسأله. فقال: «هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا. قال: فكلوها. قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر. فقال: هلّا كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك». قال ابن كثير: وقد يحتج به من يجوّز الأكل والشبع والتزوّد منها مدّة يغلب على ظنه الاحتياج إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>