للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانه الذي يحل فيه نحره. قال ابن كثير: أي وصدّوا الهدي أن يصل إلى محله وهذا من بغيهم وعنادهم، وكان الهدي سبعين بدنة كما سيأتي بيانه وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ بمكة أي: بين أظهر أهلها ممن يكتم إيمانه ويخفيه منهم، خيفة على أنفسهم من قومهم، ومن ثم قال تعالى لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ أي: إثم وغرامة. قال النسفي: أي إثم وشدة .. وهو الكفارة إذا قتله خطأ.

وسوء قالة المشركين أنهم فعلوا بأهل دينهم مثل ما فعلوا بنا من غير تمييز، والإثم إذا قصد بِغَيْرِ عِلْمٍ يعني أن تطئوهم غير عالمين بهم. قال النسفي: والوطء عبارة عن الإيقاع والإبادة والمعنى: أنه كان بمكة قوم من المسلمين مختلطون بالمشركين غير متميزين منهم، فقيل: ولولا كراهة أن تهلكوا ناسا مؤمنين بين ظهراني المشركين وأنتم غير عارفين بهم فيصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقة لما كفّ أيديكم عنهم). وباختصار: أي لولا هؤلاء لسلطناكم عليهم فقتلتموهم، وأبدتم خضراءهم، ولكن بين أفنائهم من المؤمنين والمؤمنات أقوام لا تعرفونهم حالة القتل، فكففنا أيديكم عنهم لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ قال ابن كثير: أي يؤخر عقوبتهم ليخلص من بين أظهرهم المؤمنين، وليرجع كثير منهم إلى الإسلام. وقال النسفي: وقوله لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ تعليل لما دلّت عليه الآية وسيقت له من كف الأيدي عن أهل مكة والمنع عن قتلهم صونا من بين أظهرهم من المؤمنين كأنه قال: كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله في رحمته أي في توفيقه لزيادة الخير والطاعة مؤمنيهم، أو ليدخل في الإسلام من رغب فيه من مشركيهم). لَوْ تَزَيَّلُوا أي: لو تميّز الكافرون من المؤمنين الذين بين أظهرهم. قال النسفي: أي: لو تفرقوا وتميز المسلمون من الكافرين لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ أي: من أهل مكة عَذاباً أَلِيماً قال ابن كثير: أي لسلّطناكم عليهم، فلقتلتموهم قتلا ذريعا

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ أي: الأنفة حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ أي: أنفتها التي هي أثر الجهل، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم. وحالوا بينهم وبين البيت فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ المراد بالسكينة هنا الطمأنينة والوقار والحلم، وهو ما قابلوا به حمية المشركين في المواقف التي رأيناها وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى أي: كلمة التوحيد التي هي عماد التقوى، والتي تجعل صاحبها لا يتحرك إلا أثرا عنها وَكانُوا أي: المؤمنون أَحَقَّ بِها من غيرهم وَأَهْلَها بتأهيل الله إياهم وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فيجري الأمور على مصالحها، أي هو عليم بمن

<<  <  ج: ص:  >  >>