للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نقل]

بمناسبة قوله تعالى: بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها؟ أَفَهُمُ الْغالِبُونَ قال صاحب الظلال: (فهو المتاع الطويل الموروث الذي أفسد فطرتهم، والمتاع ترف، والترف يفسد القلب ويبلد الحس، وينتهي إلى ضعف الحساسية بالله، وانطماس البصيرة دون تأمل آياته وهذا هو الابتلاء بالنعمة حين لا يستيقظ الإنسان لنفسه ويراقبها، ويصلها دائما بالله، فلا تنساه.

ومن ثم يلمس السياق وجدانهم بعرض المشهد الذي يقع كل يوم في جانب من جنبات الأرض حيث تطوى رقعة الدولة المتغلبة وتنحسر وتتقلص. فإذ هي دويلات صغيرة وكانت إمبراطوريات. وإذ هي مغلوبة على أمرها وكانت غالبة. وإذ هي قليلة وكانت كثيرة. وإذ هي قليلة الخيرات وكانت فائضة الخيرات.

والتعبير يرسم يد القدرة وهي تطوي الرقعة وتنقص الأطراف وتزوي الأبعاد. فإذا هو مشهد ساحر فيه الحركة اللطيفة وفيه الرهبة المخيفة! أَفَهُمُ الْغالِبُونَ؟ فلا يجري عليهم ما يجري على الآخرين).

[كلمة في سياق المجموعة الخامسة]

هذه المجموعة تبين ما هو الموقف المكافئ لموقف الكافرين الذي سجلته المجموعة السابقة، وهو أن الكافرين يستهزءون بالرسول ودعوته، ووعيده لهم وإنذاره، وهاهنا يبين الله عزّ وجل الموقف المكافئ لذلك، وهو: أن يعلم الرسول ثم من بعده من أمته. أن الاستهزاء بالرسل دأب الكافرين في كل زمان، وأن الله سينتقم، وأن الله سيحاسب، وأن هؤلاء مغرورون، فهم ضعفاء جبارون، وأن سبب غرورهم هو إمداد الله لهم وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقيم عليهم الحجة بأكثر من معنى: في عجز آلهتهم وفي انتصارات المسلمين في المآل وفي قوة الوحي وأحقية القرآن.

[كلمة في سياق السورة]

نلاحظ أن السورة ابتدأت بقوله تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ونلاحظ أن كلمة الإعراض تكررت أكثر من مرة في السورة قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>