بالعظيم تعظيما له بالنسبة إلى سائر ما خلق من السموات والأرض ووصفه عرش بلقيس تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك وبهذا انتهى كلام الهدهد لسليمان وقبل أن نرى جواب سليمان عليه السلام فلنذكر بعض الفوائد:
[فوائد]
١ - قلنا إن في قوله تعالى: أَلَّا يَسْجُدُوا أكثر من قراءة وأكثر من تأويل.
وقد لخص النسفي ذلك بقوله:
أَلَّا يَسْجُدُوا بالتشديد أي فصدهم عن السبيل لئلا يسجدوا، فحذف الجار مع أن وأدغمت النون في اللام، ويجوز أن تكون لا مزيدة، ويكون المعني: فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا، وبالتخفيف يزيد وعلي إمامان من أئمة القراءات. وتقديره:
ألا يا هؤلاء اسجدوا، فألا للتنبيه، ويا حرف نداء، ومناداه محذوف، فمن شدد لم يقف إلا على (العرش العظيم) ومن خفف وقف على: (فهم لا يهتدون) ثم ابتدأ (ألا يسجدوا) أو وقف على [ألا] ابتدأ [اسجدوا]. وسجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعا بخلاف ما يقوله الزجاج: إنه لا يجب السجود مع التشديد لأن مواضع السجدة إما أمر بها، أو مدح للآتي بها، أو ذم لتاركها. وإحدى القراءتين أمر، والأخرى ذم للتارك.
٢ - بمناسبة كلام الهدهد لسليمان. قال ابن كثير: ولما كان الهدهد داعيا إلى الخير، وعبادة الله وحدة، والسجود له نهي عن قتله، كما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع من الدواب.
٣ - نلاحظ من فعل الهدهد وكلامه شدة إخلاصه لنظام الدولة، وشدة إخلاصه لسليمان، وحرصه على خدمة النظام، ومحاربته لأعدائه، وذلك أثر عن معرفة كل جندي من جند سليمان واجبه وقيامه به. وهكذا تكون الدولة النموذجية أن يقوم كل فرد فيها بخدمتها، بحيث يكون المردود العام هو حصيلة جميع مجهود الأمة.