للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فخرج أخواها عمارة والوليد حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فيها أن يردها إليهما، فنقض الله العهد بينه وبين المشركين في النساء خاصة، فمنعهم أن يردوهن إلى المشركين وأنزل الله آية الامتحان).

[التفسير]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ سماهن مؤمنات مع أنهن لم يمتحن بعد لنطقهن بكلمة الشهادة، أو لشهادة ظاهر الحال لهن بالإيمان، أو لأنهن مشارفات لثبات إيمانهن بالامتحان فَامْتَحِنُوهُنَّ أي: فاختبروهن بالنظر في الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن وسنرى في الفوائد صيغ الامتحان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ أي: منكم فإنكم وإن رزتم أحوالهن لا تعلمون ذلك حقيقة، وعند الله حقيقة العلم به فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ أراد به العلم الذي تبلغه الطاقة البشرية. قال النسفي: (وهو الظن الغالب بظهور الأمارات، وتسمية الظن علما يؤذن بأن الظن الغالب وما يفضي إليه القياس جار مجرى العلم، وصاحبه غير داخل في قوله: وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ). وقال ابن كثير: فيه دلالة على أن الإيمان يمكن الاطلاع عليه يقينا فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ أي: فلا تردوهن إلى أزواجهن المشركين في حالة علمكم إيمانهن لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ قال ابن كثير: هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة. وقال النسفي:

أي: لا حل بين المؤمنة والمشرك لوقوع الفرقة بينهما بخروجها مسلمة وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا أي: وأعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ قال ابن كثير: يعني إذا أعطيتموهن أصدقتهن فانكحوهن بشرطه من انقضاء العدة والولي وغير ذلك. وقال النسفي: نفى عنهم الجناح في تزوج هؤلاء المهاجرات، إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي: مهورهن لأن المهر أجر البضع، وبه احتج أبو حنيفة رضي الله عنه على أن لا عدة على المهاجرة وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ قال ابن كثير: تحريم من الله عزّ وجل على عباده المؤمنين نكاح المشركات والاستمرار معهن. وقال النسفي: (العصمة ما يعتصم به من عقد وسبب، والكوافر جمع كافرة وهي التي بقيت في دار الحرب، أو لحقت بدار الحرب مرتدة، أي: لا يكن بينكم وبينهن عصمة ولا علقة

<<  <  ج: ص:  >  >>