للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التلبس بضدها من صفات المؤمنين، ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد، وكذلك كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صادق الوعد أيضا، لا يعد أحدا شيئا إلا وفىّ له به، وقد أثنى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنته زينب فقال: «حدثني فصدقني ووعد فوفى لي» ولما توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم قال الخليفة أبو بكر الصديق من كان له عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عدة أو دين فليأتني أنجز له، فجاءه جابر بن عبد الله فقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد قال: لو كان جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، يعني ملء كفيه، فلما جاء مال البحرين أمر الصديق جابرا فغرف بيده من المال ثم أمره بعدّه فإذا هو خمسمائة درهم

فأعطاه مثليها معها).

٤ - [كلام بمناسبة قول الله تعالى عن إسماعيل عليه السلام وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ .. ]

وبمناسبة الكلام عن قول الله في إسماعيل عليه السلام وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا قال ابن كثير:

«هذا أيضا من الثناء الجميل، والصفة الحميدة، والخلة السديدة، حيث كان صابرا على طاعة ربه عزّ وجل، آمرا بها لأهله، كما قال تعالى لرسوله وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها الآية (طه: ١٣٢). وقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (التحريم: ٢٦) أي مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملا فتأكلهم النار يوم القيامة، وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء» أخرجه أبو داود وابن ماجه. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا استيقظ الرجل من الليل، وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين، كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات». رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه واللفظ له).

٥ - [حول ما قيل في تفسير المكان العلي الذي رفع الله إليه إدريس وتعليق المؤلف عليه]

رأينا أن النسفي فسّر المكان العلي الذي رفع الله إليه إدريس بأنه شرف النبوة والزلفى. وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ به في ليلة الإسراء وهو في السماء الرابعة. ويذكر المفسرون روايات فيه أكثرها عن أهل الكتاب، وإدريس هو أخنوخ كما مر معنا من قبل وقد ورد ذلك في حديث، ويرد اسم أخنوخ في الإصحاح الخامس من سفر التكوين على أنه الجد الرابع لنوح. فنوح بن لامك بن متوشالح بن

<<  <  ج: ص:  >  >>