لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قال أبو طلحة: يا رسول الله إن الله يقول:
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو بها برها وذخرها عند الله تعالى؛ فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«بخ بخ، ذاك مال رابح، ذاك مال رابح، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين». فقال أبو طلحة:«أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه».
٢ - وفي الصحيحين: أن عمر قال: يا رسول الله، لم أصب مالا قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر، فما تأمرني به؟ قال:«احبس الأصل، وسبل الثمرة» وهذا أصل في الوقف.
٣ - وروى البزار:«قال عبد الله- أي ابن عمر- حضرتني هذه الآية: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد أحب إلي شيئا من جارية لي رومية، فقلت: هي حرة لوجه الله فلو أني أعود في شئ جعلته لله لنكحتها» يعني تزوجتها.
كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ أي كل المطعومات التي فيها النزاع- فإن من الأطعمة ما هو حرام قبل ذلك كالميتة والدم- كانت حلالا لبني إسرائيل. إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ والذي حرم إسرائيل على نفسه هو لحوم الإبل وألبانها، وكانا أحب الطعام إليه. فالمطاعم كلها كانت لم تزل حلالا لبني إسرائيل من قبل إنزال التوراة، سوى ما حرم إسرائيل على نفسه. فلما نزلت التوراة على موسى، حرم عليهم فيها لحوم الإبل وألبانها، لتحريم إسرائيل ذلك على نفسه.
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحاجهم بكتابهم، ويبكتهم بما هو ناطق به من أن تحريم ما حرم عليهم تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم، لا تحريم قديم كما يدعونه. وفيه دليل على جواز النسخ إذ حرم على بني إسرائيل فيما بعد أشياء أخرى، فلو لم يجز النسخ كما يدعي اليهود، لم يكن هذا.
فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بزعمه أن ذلك كان محرما في ملة إبراهيم ونوح عليهما السلام. مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أي من بعد ما قامت الحجة القاطعة. فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أي المكابرون الذين لا ينصفون من