للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كثير: أي: إن علمه تعالى الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله عزّ وجل، لأنه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون،

قال النسفي: ثم علل ذلك وبين الحكمة فيه بقوله لِكَيْلا تَأْسَوْا أي: تحزنوا حزنا يطغيكم عَلى ما فاتَكُمْ أي: من الدنيا وسعتها، أو من العافية وصحتها، أو من كل شئ ترغبون في وجوده وتودون عدم فوته وَلا تَفْرَحُوا فرح المختال الفخور بِما آتاكُمْ أي: بما أعطاكم. قال ابن كثير: (أي:

لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم، فإن ذلك ليس بسعيكم ولا كدكم، وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم، فلا تتخذوا نعم الله أشرا وبطرا، تفخرون بها على الناس)، وقال ابن كثير في الآية: (أي: أعلمناكم بتقدم علمنا، وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها، وتقديرنا الكائنات قبل وجودها، لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم). قال النسفي: (وليس أحد إلا وهو يفرح عند منفعة تصيبه، ويحزن عند مضرة تنزل به، ولكن ينبغي أن يكون الفرح شكرا، والحزن صبرا، وإنما يذم من الحزن الجزع المنافي للصبر، ومن الفرح الأشر المطغي الملهي عن الشكر) وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ في نفسه فَخُورٍ علي غيره، قال النسفي: لأن من فرح بحظه من الدنيا وعظم في نفسه اختال وافتخر به، وتكبر على الناس، وقال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ولكن اجعلوا الفرح شكرا، والحزن صبرا

ثم وصف الله عزّ وجل المختالين الفخورين بصفة هي أثر عن الاختيال والفخر فقال: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ أي: ويحضون غيرهم على البخل، ويرغبونهم في الإمساك، دل هذا على أن الذين يفرحون الفرح المطغي إذا رزقوا مالا وحظا من الدنيا فلحبهم له، وعزته عندهم، يزورون عن حقوق الله ويبخلون به، ويبخلون غيرهم كذلك وَمَنْ يَتَوَلَّ قال النسفي: ومن يعرض عن الإنفاق، أو عن أوامر الله ونواهيه، ولم ينته عما نهي عنه من الأسى على الفائت والفرح بالآتي فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عن جميع المخلوقات الْحَمِيدُ في أفعاله.

[كلمة في السياق]

ما صلة هذه المجموعة في السياق؟.

١ - إن الإيمان بالقضاء والقدر هو علاج الاختيال والفخر اللذين ينشأ عنهما البخل والتبخيل، وترك الإنفاق في سبيل الله، ولذلك صلته بسياق السورة التي

<<  <  ج: ص:  >  >>