الثاني: إن القرآن الذي من خصائصه- كما ذكرت هذه السورة- أنه مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذا القرآن تأتي القصة فيه في إطار تحقيق العظة، والقصة الواعظة ترد مرة في السورة الطويلة، ومرة في السورة المتوسطة، ومرة في السورة القصيرة، ومرة في قسم، ومرة- أو مرتين أو أكثر- في قسم آخر ليأخذ التالي من حيث تلا العظة من الحادثة البليغة، فإذا استقر هذان الشيئان في الذهن نقول: إن قصة نوح عليه السلام في هذا المقام تخدم سياق سورة يونس: فهي تخدم نفي العجب عن إرسال الرسول المنذر، وهي تخدم قضية كون القرآن موعظة وهدى، وهي تخدم قضية شفاء القلب من الشك- كما سنرى- وهي في الوقت نفسه تربي المؤمن على المواقف الصحيحة تجاه الكافرين، وهي المواقف التي يمليها الإيمان بالوحي المنزل.
[فائدة]
بمناسبة قوله تعالى: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يذكر ابن كثير أن الإسلام هو دين كل رسول وكل نبي، ويذكر أدلة ذلك من القرآن فيقول:(كما قال تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً (المائدة: ٤٨) قال ابن عباس: سبيلا وسنة، فهذا نوح يقول: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وقال تعالى عن إبراهيم الخليل: