دِينِكُمْ الغلوّ: مجاوزة الحد، فغلوّ النّصارى رفعه فوق قدره باستحقاق الألوهية عندهم، وغلوّ اليهود وضعه عن استحقاق النّبوة غَيْرَ الْحَقِّ. أي: غلوا غير الحق يعني غلوّا باطلا وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ المراد بهم الأسلاف والأئمّة الذين كانوا على الضّلال قبل مبعث النّبي صلّى الله عليه وسلّم وَأَضَلُّوا كَثِيراً. أي: من تابعهم وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ حين كذّبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحسدوه وبغوا عليه لمّا بعث
ثمّ فسر المعصية والاعتداء بقوله كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ. أي: كانوا لا ينهى بعضهم بعضا عن قبيح فعلوه، والمراد أنّهم لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه، أو عن مثل منكر فعلوه، أو عن منكر أرادوا فعله، أو المراد لا ينتهون عن منكر فعلوه بل يصرّون عليه، ثم عجّب من سوء فعلهم مؤكدا ذلك بالقسم فقال: لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ قال النسفي: وفيه دليل على أن ترك النهي عن المنكر من العظائم. فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عنه
أي: لبئس شيئا قدّموه لأنفسهم سخط الله عليهم، أي: موجب سخط الله
وَفِي الْعَذابِ. أي: في جهنم هُمْ خالِدُونَ أي ماكثون أبدا
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إيمانا خالصا بلا نفاق وَالنَّبِيِّ. أي: محمد صلّى الله عليه وسلّم وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ. أي: القرآن مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ. أي: ما اتخذوا المشركين أولياء يعني أنّ موالاة المشركين تدلّ على نفاقهم وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ. أي مستمرون في كفرهم ونفاقهم، ويمكن أن يكون المعنى: ولو كان هؤلاء اليهود يؤمنون بالله وبموسى وما أنزل إليه يعني التّوراة ما اتخذوا المشركين أولياء كما لم يوالهم المسلمون، ولكن كثيرا منهم فاسقون: خارجون عن دينهم، فلا دين لهم أصلا
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى وصف اليهود بشدّة الشّكيمة، والنّصارى بلين العريكة. وجعل اليهود قرناء المشركين في شدّة العداوة للمؤمنين، ونبّه على تقدم قدمهم فيها بتقديمهم على المشركين، ثمّ علّل للين النصارى بقوله: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً. أي: علماء وعبادا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. أي: علّل سهولة مأخذ النصارى وقرب مودّتهم للمؤمنين بأن منهم