عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أي: كعرض السموات كلها والأرض، ولنا عودة على هذا المعنى في الفوائد. قال النسفي: وذكر العرض دون الطول؛ لأن كل ماله عرض وطول؛ فإن عرضه أقل من طوله، فإذا وصف عرضه بالبسطة عرف أن طوله أبسط، أو أريد بالعرض البسطة أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أي:
هيأت لهم. قال النسفي: وهذا دليل على أنها مخلوقة أي: موجودة الآن فمن يدعي أنها ستخلق بعد فهو مخطئ بنص الآية ذلِكَ أي: الموعود من المغفرة والجنة فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وهم المؤمنون. قال النسفي: وفيه دليل على أنه لا يدخل أحد الجنة إلا بفضل الله وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ قال ابن كثير: أي: هذا الذي أهلهم الله له هو من فضله ومنه عليهم وإحسانه إليهم ... وبهذا انتهت المجموعة الأولى من الفقرة الثانية.
[كلمة في السياق]
١ - يلاحظ أن موضوع الإيمان بالله ورسله تكرر الحديث عنه في هذه المجموعة مرتين ثناء عليهم وتبيانا لما أعد الله لهم، وذلك في سياق الأمر بالخشوع، كما ذكر موضوع الإنفاق في هذه المجموعة بالحث عليه وعلى المسارعة فيه، وهكذا نجد تركيزا على الإيمان بالله والرسول في المقطع سواء في ذلك فقرته الأولى أو الثانية.
٢ - يلاحظ أن هذه المجموعة بدأت بالحديث عن الخشوع للقرآن؛ والإيمان به من أركان الإيمان، ثم وصلت للحديث عن الآخرة؛ والإيمان بها ركن من أركان الإيمان، وها هي أوصلتنا إلى المجموعة الثانية التي تبدأ بالحديث عن القدر؛ وهو ركن من أركان الإيمان كذلك.
[تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الثانية]
ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ من الجدب وآفات الزروع والثمار وغير ذلك وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ من الأمراض والأوصاب وموت الأولاد إِلَّا فِي كِتابٍ أي: في اللوح المحفوظ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها أي: من قبل أن تخلق الأنفس. قال النسفي: بين أن كل شئ كائن بقضاء الله وقدره، وقال ابن كثير:
(يخبر تعالى عن قدره السابق في خلقه قبل أن يبرأ البرية). إِنَّ ذلِكَ أي: إن تقدير ذلك وإثباته في كتاب عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وإن كان عسيرا على العباد. قال