والمرجان، واستخراج اللحم الطري وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي: على حصول المنافع المجلوبة إليكم من الأقاليم النائية والآفاق القاصية وغير ذلك.
وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أي: من الكواكب والشموس والأقمار، والجبال والبحار والأنهار وجميع ما تنتفعون به جَمِيعاً مِنْهُ قال ابن كثير: أي: الجميع من فضله وإحسانه وامتنانه. أي: من عنده وحده لا شريك له في ذلك. قال النسفي: أي سخّر هذه الأشياء كائنة منه أي: حاصلة من عنده إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أي: لدلالات على الله وصفاته وأسمائه لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ دلّ هذا على أن هذا النوع من الآيات يعرفه الإنسان بمجرد الفكر وفي كتابنا (الله جل جلاله) تحدثنا عن ظاهرة العناية في هذا الكون، إذ إن كل ما فيه وجد بشكل ما لصالح الإنسان، فمن تفكر في هذا المعنى آمن وشكر. وقد ذكرت هاتان الآيتان ظاهرة العناية، وإذا كان استيعاب هذا المعنى يقتضي شكرا وإيمانا بالله واليوم الآخر بآن واحد، فإن هذا لم يخلق عبثا، فإن الآيتين الآتيتين تتحدثان عما ينبغي أن يقابل به المؤمنون الكافرين وعن سنة الله في
الحساب.
قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ أي: لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه، أو للذين لا يؤمّلون الأوقات التي وقّتها الله تعالى لثواب المؤمنين، ووعدهم الفوز فيها، قل للمؤمنين أن يعفوا عن هؤلاء ويصفحوا. قال ابن كثير:(وكان هذا في ابتداء الإسلام، أمروا أن يصبروا على أذى المشركين، وأهل الكتاب، ليكون ذلك كالتأليف لهم، ثمّ لمّا أصروا على العناد شرع الله للمؤمنين الجلاد والجهاد) ثم بيّن الله عزّ وجل الحكمة في هذا الأمر فقال: لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ قال ابن كثير: (أي إذا صفحوا عنهم في الدنيا فإن الله عزّ وجل يجازيهم بأعمالهم السيئة في الآخرة) وقال النسفي: هذا تعليل الأمر بالمغفرة، أي: إنما أمروا بأن يغفروا ليوفيهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة، وتنكير قَوْماً على المدح لهم، وكأنه قيل: ليجزي أيّما قوم قوما مخصوصين بصبرهم على أذى أعدائهم بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أي: من الإحسان. هكذا فسّرها النسفي. وقال ابن كثير: أي: إذا صفحوا عنهم في الدنيا فإن الله عزّ وجل يجازيهم بأعمالهم السيئة في الآخرة ولهذا قال تعالى:
مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها أي: لها الثواب وعليها العقاب ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ فيجازيكم. قال ابن كثير: أي: تعودون إليه يوم القيامة فتعرضون بأعمالكم عليه،