تركهم الانتفاع بالعقل. دلّ هذا على أن من لم يصل إلى الإيمان لا يكون مستعملا عقله استعمالا صحيحا
هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ بها. أي هذه التي حذّرتكم الرسل فكذبتموهم
اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ أي ادخلوها بكفركم وإنكاركم لها
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ أي نمنعهم من الكلام وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ قال ابن كثير:(هذه حال الكفار والمنافقين يوم القيامة، حين ينكرون ما اجترموه في الدنيا، ويحلفون ما فعلوه، فيختم الله على أفواههم، ويستنطق جوارحهم بما عملت)
وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ أي لأعميناهم وأذهبنا أبصارهم فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ أي فاستبقوا إلى الصراط فَأَنَّى يُبْصِرُونَ أي فكيف يبصرون حينئذ، وقد طمسنا أعينهم. وهل هذه الآية استمرار للكلام عن الآخرة، أو انتقل الكلام إلى خطابهم في الدنيا؟ لم يذكر ابن كثير إلا الثاني فهي خطاب لهم في الدنيا. وعلى هذا فالمراد بالصراط: الحق، وعلى هذا يكون معنى الآية: ولو نشاء لأضللناهم عن الهدى، فكيف يهتدون
وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ قردة أو خنازير أو حجارة عَلى مَكانَتِهِمْ أي على مكانهم.
أي لمسخناهم في منازلهم حيث يجترحون المآثم فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا أمامهم وَلا يَرْجِعُونَ خلفهم أي فلم يقدروا على ذهاب ولا مجئ
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أي نقلبه فيه. بمعنى من أطلنا عمره نكّسنا خلقه فصار بدل القوة ضعفا، وبدل الشباب هرما، وذلك أنا خلقناه على ضعف في جسده وخلو من عقل وعلم، ثم جعلناه يتزايد إلى أن يبلغ أشده ويستكمل قوته ويعقل ويعلم ما له وما عليه، فإذا انتهى نكّسناه في الخلق، فجعلناه يتناقص حتى يرجع إلى حال شبيهة بحال الصبيّ في ضعف جسده، وقلّة عقله، وخلوّه من العلم أَفَلا يَعْقِلُونَ أن من قدر على أن ينقلهم من الشباب إلى الهرم، ومن القوّة إلى الضعف، ومن رجاحة العقل إلى الخرف، وقلة التمييز، قادر على أن يطمس على أعينهم، ويمسخهم على مكانتهم، ويبعثهم بعد الموت
وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ أي وما علمنا النبي صلّى الله عليه وسلم أن يقول الشعر وَما يَنْبَغِي لَهُ أي وما يصح له، ولا يليق بحاله، وبالتالي فإن القرآن ليس من جنس الشعر إِنْ هُوَ أي القرآن إِلَّا ذِكْرٌ من الله يوعظ به الإنس والجن وَقُرْآنٌ مُبِينٌ أي بيّن واضح جلي لمن تدبّره وتأمّله. قال النسفي:(وما هو إلا قرآن كتاب سماوي يقرأ في المحاريب، ويتلى في المتعبدات، وينال بتلاوته والعمل به فوز الدارين، فكم بينه وبين الشعر)
لِيُنْذِرَ القرآن أو الرسول صلّى الله عليه وسلم مَنْ كانَ حَيًّا أي