لا تستفيدون منه فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ قال ابن كثير: أي: نابع سائح جار على وجه الأرض، أي: لا يقدر على ذلك إلا الله عزّ وجل، فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه، وأجراها في سائر أقطار الأرض بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة فلله الحمد والمنة.
[كلمة في السياق]
١ - رأينا صلة الآية الأخيرة بما قبلها مباشرة، وأما صلتها ببداية فقرتها- أي:
بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ- فمن حيث إن للماء المعين صلة كبيرة بتذليل الأرض، والأكل من أرزاقها.
وأما صلة الآية الأخيرة بمحور السورة- أي: بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً- فمن حيث إن مما خلقه الله عزّ وجل في هذه الأرض للإنسان هذه المياه التي لولاها لتعذرت الحياة.
٢ - واضح أن السورة آخذة آياتها برقاب بعضها، ومتعانقة ضمن سياق واضح المعالم، يبدأ بالتعريف على الله، ثم ينذر الكافرين، ثم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخاطب هؤلاء الكافرين الخطاب، تلو الخطاب حتى تنتهي السورة، وقد رأينا ذلك كله وصلته بالمحور، ولنا عودة على سياق السورة في الكلمة الأخيرة عنها.
...
[الفوائد]
١ - بمناسبة قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله أذل بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء، ثم دار بقاء» ورواه معمر عن قتادة).
٢ - بمناسبة قوله تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ أقول: الذي أميل إليه أن المراد بالمصابيح الكواكب السيارة، والذي رجح ذلك عندي هو ما يلي:
أ- يلاحظ أن القرآن عبر عن الشمس بالسراج، ومن المعلوم أن النجوم في هذا