بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أي: لا حظ لنا. ولو كنا مجدودين لما جرى علينا هذا، أقام الله الحجة على أنه الخالق بظاهرة الإنبات إتمامها وإنقاصها، ومتى ثبت أنه الخالق فقد قامت الحجة على المستبعدين لليوم الآخر، المكذبين بالله ورسله، الذين لا يعبدون ولا يتقون.
[كلمة في السياق]
إن دقة التصوير لحال من أصيبت أرضه بحيث تسع تصرفات الناس من خلال استعمال لفظة (تفكهون) التي تفيد أكثر من معنى، وكل معنى يمكن أن يمثل حال فريق من
الناس، لمظهر من مظاهر الإعجاز، ولكن الإعجاز الأكبر يتمثل في إقامة الحجة على الكافرين، فهذا الكافر الذي لا يملك من أمر أصل الإنبات شيئا، والذي لا يملك إذا أصابته الجائحة إلا أن يتحسر ويتفجع. كيف لا يسلم بأن الله هو الخالق وهو الرازق، ويبني على ذلك أن يعبد الله. لاحظ صلة ذلك كله بقوله تعالى:
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فالآيات فيها تفصيل للنعمة وإقامة حجة على الكفر، ولها صلة في محل المحور من مقطعه الذي بدأ بآية فيها: فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وفي ذلك إعجاز أي إعجاز.
[الحجة الثالثة]
أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ العذب الصالح للشرب
لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً أي: ملحا أو مرا لا يقدر على شربه، وذلك بأن يجعل تبخر الملح كتبخر الماء من البحر مثلا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ أي: فهلا تشكرونه فتعبدونه وتتقونه وتوحدونه، أقام الدليل على أنه الخالق بظاهرة الحكمة من خلال عرض ظاهرة التبخر والمطر والدورة المائية على الأرض ولذلك صلاته بقوله تعالى في المحور: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً.
[الحجة الرابعة]
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أي: تشعلون أو تقدحون
أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي تعطيكم النار، ومن المعلوم أن البترول أصله شجر على ما تقوله أحدث